وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وليست في الآية دلالة على دوام الصد عن السبيل وحسبان الآخرين الاهتداء إلى فناء القرينين إذ قد يؤمن الكافر فينقطع الصد والحسبان فلا تغتر بتوهم من يزعمون أن الغاية الحقيقية لا تفارق ( حتى ) في جميع استعمالاتها .
وقرأ نافع وابن كثير وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر ( جاءنا ) بألف ضمير المثنى عائدا على من يعش عن ذكر الرحمان وقرينه أي شيطانه وأفرد ضمير ( قال ) لرجوعه إلى من يعش عن ذكر الرحمان خاصة أي قال الكافر متندما على ما فرط من اتباعه إياه وائتماره بأمره .
وقرأ الجمهور ( جاءنا ) بصيغة المفرد والضمير المستتر في ( قال ) عائد إلى ( من يعش عن ذكر الرحمان ) أي قال أحدهما وهو الذي يعشو . فالمعنى على القراءتين واحد لأن قراءة التثنية صريحة في مجيء الشيطان مع قرينه الكافر وأن المتندم هو الكافر والقراءة بالإفراد متضمنة مجيء الشيطان من قوله ( يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين ) إذ علم أن شيطانه القرين حاضر من خطاب الآخر إياه بقوله ( وبينك ) .
وحرف ( يا ) أصله للنداء ويستعمل للتلهف كثيرا كما في قوله ( يا حسرة ) وهو هنا للتلهف والتندم .
والمشرقان : المشرق والمغرب غلب اسم المشرق لأنه أكثر خطورا بالأذهان لتشوف النفوس إلى إشراق الشمس بعد الإظلام .
والمراد بالمشرق والمغرب : إما مكان شروق الشمس وغروبها في الأفق وإما الجهة من الأرض التي تبدو الشمس منها عند شروقها وتغيب منها عند غروبها فيما يلوح لطائفة من سكان الأرض . وعلى الاحتمالين فهو مثل لشدة البعد .
وأضيف ( بعد ) إلى ( المشرقين ) بالتثنية بتقدير : بعد لهما أي مختص بهما بتأويل البعد بالتباعد وهو إيجاز بديع حصل من صيغة التغليب ومن الإضافة . ومساواته أن يقال بعد المشرق من المغرب والمغرب من المشرق فنابت كلمة ( المشرقين ) عن ست كلمات .
وقوله ( فبئس القرين ) بعد أن تمنى مفارقته فرع عليه ذما فالكافر يذم شيطانه الذي كان قرينا ويعرض بذلك للتفصي من المؤاخذة وإلقاء التبعة على الشيطان الذي أضله .
والمقصود من حكاية هذا تفظيع عواقب هذه المقارنة التي كانت شغف المتقارنين وكذلك شأن كل مقارنة على عمل سيء العاقبة وهذا من قبل قوله تعالى ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) .
والمقصود تحذير الناس من قرين السوء وذم الشياطين ليعافهم الناس كقوله ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) .
( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون [ 39 ] ) الظاهر أن هذه الجملة معطوفة على جملة ( قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين ) وأن قولا محذوفا دل عليه فعل ( جاءنا ) الدال على أن الفريقين حضرا للحساب وتلك الحضرة تؤذن بالمقاولة فإن الفريقين لما حضرا وتبرأ أحدهما من الآخر قصدا للتفصي من المؤاخذة كما تقدمت الإشارة إليه آنفا فيقول الله ولن ينفعكم اليوم أنكم في العذاب مشتركون .
والخطاب موجه للذين عشوا عن ذكر الرحمان ولشياطينهم .
A E وفي هذا الكلام إشارة إلى كلام مطوي والتقدير : لا تلقوا التبعة على القرناء فأنتم مؤاخذون بطاعتهم وهم مؤاخذون بإضلالكم وأنتم مشتركون في العذاب ولن ينفعكم أنكم في العذاب مشتركون لأن عذاب فريق لا يخفف عن فريق كما قال تعالى ( قالوا ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) .
ووقوع فعل ( ينفعكم ) في سياق النفي يدل على نفي أن يكون الاشتراك في العذاب نافعا بحال لأنه لا يخفف عن الشريك من عذابه . وأما ما يتعارفه الناس من تسلي أحد برؤية مثله ممن مني بمصيبة فذلك من أوهام البشر في الحياة الدنيا ولعل الله جعل لهم ذلك رحمة بهم في الدنيا وأما الآخرة فعالم الحقائق دون الأوهام . وفي هذا التوهم جاء قول الخنساء : .
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي وقرأ الجمهور ( أنكم ) بفتح همزة ( أن ) على جعل المصدر فاعلا . وقرأ ابن عامر ( إنكم ) بكسر الهمزة على الاستئناف ويكون الوقف عند قوله ( إذ ظلمتم ) وفاعل ( ينفعكم ) ضمير عائد على التمني بقولهم ( يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين ) أي لن ينفعكم تمنيكم ولا تفصيكم