وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والسخري بضم السين وبكسرها وهما لغتان " ولم يقرأ في القراءات المشهورة إلا بضم السين . وقرأ ابن محيصن في الشاذ بكسر السين " : اسم للشيء المسخر أي المجبور على عمل بدون اختياره واسم لمن يسخر به أي يستهزأ به كما في مفردات الراغب والأساس والقاموس . وقد فسر هنا بالمعنيين كما قال القرطبي . وقال ابن عطية : هما لغتان في معنى التسخير ولا تدخل لمعنى الهزء في هذه الآية . ولم يقل ذلك غيره وكلام الراغب محتمل . واقتصر الطبري على معنى التسخير . فالوجه في ذلك أن المعنيين معتبران في هذه الآية . وإثار لفظ ( سخريا ) في الآية دون غيره لتحمله للمعنيين وهو اختيار من وجوه الإعجاز فيجوز أن يكون المعنى ليتعمل بعضهم بعضا في شؤون حياتهم فإن الإنسان مدني أي محتاج إلى إعانة بعضه بعضا وعليه فسر الزمخشري وابن عطية وقاله السدي وقتادة والضحاك وابن زيد فلام ( ليتخذ ) لام التعليل تعليلا لفعل ( قسمنا ) أي قسمنا بينهم معيشتهم أي أسباب معيشتهم ليستعين بعضهم ببعض فيتعارفوا ويتجمعوا لأجل حاجة بعضهم إلى بعض فتتكون من ذلك القبائل والمدن .
وعلى هذا يكون قوله ( بعضهم بعضا ) عاما في كل بعض من الناس إذ ما من أحد إلا وهو مستعمل لغيره وهو مستعمل لغير آخر .
ويجوز أن تكون اسما من السخرية وهي الاستهزاء . وحكاه القرطبي ولم يعين قائله وبذلك تكون اللام للعاقبة مثل ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) وهو على هذا تعريض بالمشركين الذين استهزؤوا بالمؤمنين كقوله تعالى ( فاتخذتموهم سخريا ) في سورة قد أفلح المؤمنون . وقد جاء لفظ السخري بمعنى الاستهزاء في آيات أخرى كقوله تعالى ( فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ) وقوله ( اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار ) . ولعل الذي عدل ببعض المفسرين عن تفسير آية سورة الزخرف بهذا المعنى استنكارهم أن يكون اتخاذ بعضهم لبعض مسخرة علة لفعل الله تعالى في رفعه بعضهم فوق بعض درجات ولكن تأويل اللفظ واسع في نظائره وأشباهه . وتأويل معنى اللام ظاهر .
A E وجملة ( ورحمة ربك خير ما يجمعون ) تذييل للرد عليهم وفي هذا التذييل رد ثان عليهم بأن المال الذي جعلوه عماد الاصطفاء للرسالة هو أقل من رحمة الله فهي خير مما يجمعون من المال الذي جعلوه سبب التفضيل حين قالوا ( لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) فإن المال شيء جمعه صاحبه لنفسه فلا يكون مثل اصطفاء الله البعد ليرسله إلى الناس .
ورحمة الله : هي اصطفاؤه عبده للرسالة عنه إلى الناس وهي التي في قوله ( أهم يقسمون رحمة ربك ) والمعنى : إذا كانوا غير قاسمين أقل أحوالهم فكيف يقسمون ما هو خير من أهم أمورهم .
( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون [ 33 ] ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون [ 34 ] وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا وللآخرة عند ربك للمتقين [ 35 ] ) ( لولا ) حرف امتناع لوجود أي حرف شرط دل امتناع وقوع جوابها لأجل وقوع شرطها فيقتضي أن الله أراد امتناع وقوع أن يكون الناس أمة واحدة أي أراد الاحتراز من مضمون شرطها .
لما تقرر أن من خلقهم تعظيم المال وأهل الثراء وحسبانهم ذلك أصل الفضائل ولم يهتموا بزكاء النفوس وكان الله قد أبطل جعلهم المال سبب الفضل بإبطالين بقوله ( أهم يقسمون رحمة ربك ) وقوله ( ورحمة ربك خير مما يجمعون ) أعقب ذلك بتعريفهم أن المال والغنى لاحظ لهما عند الله تعالى فإن الله أعطى كل شيء خلقه وجعل للأشياء حقائقها ومقاديرها فكثيرا ما يكون المال للكافرين ومن لا خلاق لهم من الخير فتعين أن المال قسمة من الله على الناس جعل له أسبابا نظمها في سلك النظم الاجتماعية وجعل لها آثارا مناسبة لها وشتان بينها وبين مواهب النفوس الزكية والسرائر الطيبة فالمال في الغالب مصدر لإرضاء الشهوات ومرصد للتفاخر والتطاول . وأما مواهب النفوس الطيبة فمصادر لنفع أصحابها ونفع الأمة ففي أهل الشر أغنياء وفقراء وفي أهل الخير أمثال ذلك فظهر التباين بين آثار كسب المال وأثار الفضائل النفسانية