وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( لولا ) أصله حرف تحضيض استعمل هنا في معنى إبطال كونه رسولا على طريقة المجاز المرسل بعلاقة الملازمة لأن التحضيض على تحصيل ما هو مقطوع بانتفاء حصوله يستلزم الجزم بانتفائه .
والقريتان هما : مكة والطائف لأنهما أكبر قرى تهامة بلد القائلين وأما يثرب وتيماء ونحوهما فهي من بلد الحجاز .
فالتعريف في ( القريتين ) للعهد جعلوا عماد التأهل لسيادة الأقوام أمرين : عظمة المسود وعظمة قريته فهم لا يدينون إلا من هو من أشهر القبائل في أشهر القرى لأن القرى هي مأوى شؤون القبائل وتموينهم وتجارتهم والعظيم : مستعار لصاحب السؤود في قومه فكأنه عظيم الذات .
روي عن ابن عباس أنهم عنوا بعظيم مكة الوليد بن المغيرة المخزومي وبعظيم الطائف حبيب بن عمرو الثقفي . وعن مجاهد أنهم عنوا بعظيم مكة عتبة بن ربيعة وبعظيم الطائف كنانة بن عبد ياليل . وعن قتادة عنوا الوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود الثقفي .
ثم يحتمل أنهم قالوا هذا اللفظ المحكي عنهم في القرآن ولم يسمعوا شخصين معينين ويحتمل أنهم سموا شخصين ووصفوهما بهذين الوصفين فاقتصر القرآن على ذكر الوصفين إيجازا مع التنبيه على ما كانوا يؤهلون به الاختيار للرسالة تحميقا لرأيهم .
وكان الرجلان اللذان عنوهما ذوي مال لأن سعة المال كانت من مقومات وصف السؤود كما حكي عن بني إسرائيل قولهم " ولم يؤت سعة من المال " .
A E ( أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون [ 32 ] ) إنكار عليهم قولهم ( لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) فإنهم لما نصبوا أنفسهم منصب من يتخير أصناف الناس للرسالة عن الله فقد جعلوا لأنفسهم ذلك لا لله فكان من مقتضى قولهم أن الاصطفاء للرسالة بيدهم فلذلك قدم ضمير ( هم ) المجعول مسندا إليه على مسند فعلي ليفيد معنى الاختصاص فسلط الإنكار . على هذا الحصر إبطالا لقولهم وتخطئة لهم في تحكمهم .
ولما كان الاصطفاء للرسالة رحمة لمن يصطفى لها ورحمة للناس المرسل إليهم جعل تحكمهم في ذلك قسمة منهم لرحمة الله باختيارهم من يختار لها وتعيين المتأهل لإبلاغها إلى المرحومين .
ووجه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأضيف لفظ ( الرب ) إلى ضميره إيماء إلى أن الله مؤيده تأنيسا له لأن قولهم ( لولا نزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم ) قصدوا منه الاستخفاف به فرفع الله شأنه بإبلاغ الإنكار عليهم بالإقبال عليه بالخطاب وبإظهار أن الله ربه أي متولي أمره وتدبيره .
وجملة ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم ) تعليل للإنكار والنفي المستفاد منه واستدلال عليه أي لما قسمنا بين الناس معيشتهم فكانوا مسيرين في أمورهم على نحو ما هيأنا لهم من نظام الحياة وكان تدبير ذلك لله تعالى ببالغ حكمته فجعل منهم أقوياء وضعفاء وأغنياء ومحاويج فسخر بعضهم لبعض في أشغالهم على حساب دواعي حاجة الحياة ورفع بذلك بعضهم فوق بعض وجعل بعضهم محتاجا إلى بعض ومسخرا له .
فإذا كانوا بهذه المثابة في تدبير المعيشة الدنيا فكذلك الحال في إقامة بعضهم دون بعض للتبليغ فإن ذلك أعظم شؤون البشر . فهذا وجه الاستدلال