وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمراد بآبائهم آباؤهم الذين سنوا عبادة الأصنام مثل عمرو بن لحي والذين عبدوها من بعده . وتمتيع آبائهم تمهيد لتمتيع هؤلاء ولذلك كانت غاية التمتيع مجيء الرسول فإن مجيئه لهؤلاء .
والتمتيع هنا التمتيع بالإمهال وعدم الاستئصال كما تدل عليه الغاية في قوله ( حتى جاءهم الحق ورسول مبين ) .
والمراد ب ( الحق ) القرآن كما يدل عليه قوله تعالى ( ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر ) وقوله ( وقالوا لولا نزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم ) وهذه الآية ثناء راجع على القرآن متصل بالثناء عليه الذي افتتحت به السورة .
فإنه لما جاء القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم انتهى التمتيع وأخذوا بالعذاب تدريجا إلى أن كان عذاب يوم بدر ويوم حنين وهدى الله للإسلام من بقي يوم فتح مكة وأيام الوفود . وهذا في معنى قوله تعالى ( وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ) في سورة هود .
والحق الذي جاءهم هو : القرآن والرسول المبين : محمد صلى الله عليه وسلم . ووصفه ب ( مبين ) لأنه أوضح الهدى ونصب الأدلة وجاء بأفصح كلام . فالإبانة راجعة إلى معاني دينه وألفاظ كتابه .
والحكمة في ذلك أن الله أراد أن يشرف هذا الفريق من عقب إبراهيم بالانتشال من أوحال الشرك والضلال إلى مناهج الإيمان والإسلام واتباع أفضل الرسل وأفضل الشرائع فيجبر لأمة من عقب إبراهيم ما فرطوا فيه من الاقتداء بأبيهم حتى يكمل لدعوته شرف الاستجابة .
A E والمقصود من هذا زيادة الإمهال لهم لعلهم يتذكرون كما قال تعالى ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ) .
ويستروح من قوله تعالى ( وجعلها كلمة باقية في عقبه ) إلى قوله ( وءآباءهم ) أن آباء النبي صلى الله عليه وسلم في عمود نسبه لم يكونوا مضمرين الشرك وأنهم بعض من عقب إبراهيم الذين بقيت كلمته فيهم ولم يجهروا بمخالفة قومهم اتقاء الفتنة . ولا عجب في ذلك فإن تغيير المنكر إنما وجب بالشرع ولم يكن لديهم شرع .
( ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون [ 30 ] ) تعجيب من حال تغافلهم أي قد كان لهم بعض العذر قبل مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن لأن للغفلات المتقادمة غشاوة تصير الغفلة جهالة فكان الشأن أن يستقيظوا لما جاءهم الحق ورسول مبين فيتذكروا كلمة أبيهم إبراهيم ولكنهم لما جاءهم الحق قالوا : هذا سحر أي قالوا للرسول : هذا ساحر فازدادوا رينا على رين .
فالخبر مستعمل في التعجيب لا في إفادة صدور هذا القول منهم لأن ذلك معلوم لهم وللمسلمين .
وفي تعقيب الغاية بهذا الكلام إيذان بأن تمتيعهم أصبح على وشك الانتهاء .
فجملة ( ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر ) معطوفة على جملة ( حتى جاءهم الحق ) فإن ( لما ) توقيتية فهي في قوة ( حتى ) الغائية كأنه قيل : متعت هؤلاء وآباءهم فلما جاءهم الحق عقب ذلك التمتيع لم يستفيقوا من غفلتهم وقالوا : هذا سحر أي كانوا قبل مجيء الحق مشركين عن غفلة وتساهل فلما جاءهم الحق صاروا مشركين عن عناد ومكابرة .
وجملة ( وإنا به كافرون ) مقول ثان أي قالوا : هذا سحر فلا نلتفت إليه وقالوا إنا به أي بالقرآن كافرون أي سواء كان سحرا أم غيره أي فرضوا أنه سحر ثم ارتقوا فقالوا إنا به كافرون أي كافرون بأنه من عند الله سواء كان سحرا أم شعرا أم أساطير الأولين . ولهذا المعنى أكدوا الخبر بحرف التأكيد ليؤيسوا الرسول صلى الله عليه وسلم من إيمانهم به .
( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم [ 31 ] ) عطف على جملة ( قالوا هذا سحر ) فهو في حيز جواب ( لما ) التوقيتية واقع موقع التعجيب أيضا أي بعد أن أخذوا يتعللون بالعلل لإنكار الحق إذ قالوا للقرآن : هذا سحر وإذ كان قولهم ذلك يقتضي أن الذي جاء بالقرآن ساحر انتقل إلى ذكر طعن آخر منهم في الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لم يكن من عظماء أهل القريتين