وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( لعلهم يرجعون ) بدل اشتمال من جملة ( وجعلها كلمة باقية في عقبه ) لأن جعله كلمة ( إنني براء مما تعبدون ) باقية في عقبه أراد منها مصالح لعقبه منها أنه رجا بذلك أن يرجعوا غلى نبذ عبادة الأصنام إن فتنوا بعبادتها أو يتذكروا بها الإقلاع عن عبادة الأصنام إن عبدوها فمعنى الرجوع العود إلى ما تدل عليه تلك الكلمة . ونظيره قوله تعالى ( وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون ) أي لعلهم يرجعون عن كفرهم .
فحرف ( لعل ) لإنشاء الرجاء والرجاء هنا رجاء إبراهيم لا محالة فتعين أن يقدر معنى قول صادر من إبراهيم بإنشاء رجائه بأن يقدر : قال : لعلهم يرجعون أو قائلا : لعلهم يرجعون .
والرجوع مستعار إلى تغيير اعتقاد طارئ باعتقاد سابق شبه ترك الاعتقاد الطارئ والأخذ بالاعتقاد السابق برجوع المسافر إلى وطنه أو رجوع الساعي إلى بيته .
والمعنى : يرجع كل من حاد عنها إليها وهذا رجاؤه قد تحقق في بعض عقبه ولم يتحقق في بعض كما قال تعالى ( قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) أي المشركين . ولعل ممن تحقق فيه رجاء إبراهيم عمود نسب النبي A وإنما كانوا يكتمون دينهم تقية من قومهم وقد بسطت القول في هذا المعنى وفي أحوال أهل الفترة في هذه الآية في رسالة طهارة النسب النبوي من النقائص .
A E وفي قوله ( وجعلها كلمة باقية في عقبه ) إشعار بأن وحدانية الله كانت غير مجهولة للمشركين فيتجه أن الدعوة إلى العلم بوجود الله ووحدانيته كانت بالغة لأكثر الأمم بما تناقلوه من أقوال الرسل السابقين ومن تلك الأمم العرب فيتجه مؤاخذة المشركين على الإشراك قبل بعثة محمد A لأنهم أهملوا النظر فيما هو شائع بينهم أو تغافلوا عنه أو أعرضوا . فيكون أهل الفترة مؤاخذين على نبذ التوحيد في الدنيا ومعاقبين عليه في الآخرة وعليه يحمل ما ورد في صحاح الآثار من تعذيب عمرو بن لحي الذي سن عبادة الأصنام وما روي أن أمرأ القيس حامل لواء الشعراء إلى النار يوم القيامة وغير ذلك . وهذا الذي يناسب أن يكون نظر إليه أهل السنة الذين يقولون : إن معرفة الله واجبة بالشرع لا بالعقل وهو المشهور عن الأشعري والذين يقولون منهم " إن المشركين من أهل الفترة مخلدون في النار على الشرك .
وأما الذين قالوا بأن معرفة الله واجبة عقلا وهو قول جميع الماتريدية وبعض الشافعية فلا إشكال على قولهم .
( بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين [ 29 ] ) إضراب عن قوله ( لعلهم يرجعون ) وهو إضراب إبطال أي لم يحصل ما رجاه إبراهيم من رجوع بعض عقبه إلى الكلمة التي أوصاهم برعيها . فإن أقدم أمة من عقبه لم يرجعوا إلى كلمته وهؤلاء هم العرب الذين أشركوا وعبدوا الأصنام .
وبعد ( بل ) كلام محذوف دل عليه الإبطال وما بعد الإبطال وتقدير المحذوف : بل لم يرجع هؤلاء وآباؤهم الأولون إلى التوحيد ولم يتبرأوا من عبادة الأصنام ولا أخذوا بوصاية إبراهيم .
وجملة ( متعت هؤلاء وآباءهم ) مستأنفة استئنافا بيانيا لسائل يسأل عما عاملهم الله به جزاء على تفريطهم في وصاية إبراهيم وهلا استأصلهم . كما قال ( وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير ) إلى قوله ( فانتقمنا منهم ) فأجيب بأن الله متعهم بالبقاء إلى أن يجيئهم رسول بالحق وذلك لحكمة علمها الله يرتبط بها وجود العرب زمنا طويلا بدون رسول وتأخر مجيء الرسول إلى الإبان الذي ظهر فيه .
وبهذا الاستئناف حصل التخلص إلى ما بدا من المشركين بعد مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم من فظيع توغلهم في الإعراض عن التوحيد الذي كان عليه أبوهم فكان موقع ( بل ) في هذه الآية أبلغ من موقعها في قول لبيد : .
بل ما تذكر من نوار وقد نأت ... وتقطعت أسبابها ورمامها إذ كان انتقاله اقتضابا وكان هنا تخلصا حسنا .
و ( هؤلاء ) إشارة إلى غير مذكور في الكلام وقد استقريت أن مصطلح القرآن أن يريد بمثله مشركي العرب ولم أر من اهتدى للتنبيه عليه وقد قدمته عند قوله تعالى ( وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) في سورة النساء وفي مواضع أخرى