وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وسين الاستقبال مؤذنة بأنه أخبرهم بأن هداية الله إياه قد تمكنت وتستمر في المستقبل ويفهم أنها حاصلة الآن بفحوى الخطاب .
وتوكيد الخبر ب ( إن ) منظور فيه إلى حال أبيه وقومه لأنهم ينكرون أنه الآن على هدى فهم ينكرون أنه سيكون على هدى في المستقبل .
( وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون [ 28 ] ) عطف على ( إذ قال إبراهيم ) أي أعلن تلك المقالة في قومه معاصريه وجعلها كلمة باقية في عقبه ينقلونها إلى معاصريهم من الأمم . إذ أوصى بها بنيه وأن يوصوا بنيهم بها قال تعالى في سورة البقرة ( إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين وأوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) فبتلك الوصية أبقى إبراهيم توحيد الله بالإلهية والعبادة في عقبه يبثونه في الناس . ولذلك قال يوسف لصاحبيه في السجن ( يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) وقال لهما ( إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ) إلى قوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .
فضمير الرفع في ( جعلها ) عائد إلى إبراهيم وهو الظاهر من السياق والمناسب لقوله ( لعلهم يرجعون ) ولأنه لم يتقدم اسم الجلالة ليعود عليه ضمير ( جعلها ) .
A E وحكى في الكشاف انه قيل : الضمير عائد إلى الله وجزم به القرطبي وهو ظاهر كلام أبي بكر بن العربي .
والضمير المنصوب في قوله ( وجعلها ) عائد إلى الكلام المتقدم . وأنث الضمير لتأويل الكلام بالكلمة نظرا لوقوع مفعوله الثاني لفظ ( كلمة ) لأن الكلام يطلق عليه ( كلمة ) كقوله تعالى في سورة المؤمنين ( إنها كلمة هو قائلها ) أي قول الكافر ( رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ) . وقال تعالى ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم ) وهي قولهم ( اتخذ الله ولدا ) وقد قال تعالى ( وأوصى بها إبراهيم بنيه ) أي بقوله ( أسلمت لرب العالمين ) فأعاد عليها ضمير التأنيث على تأويل ( الكلمة ) .
واعلم أنه إنما يقال للكلام كلمة إذا كان كلاما سائرا على الألسنة متمثلا به كما في قول النبي A " أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد " ألا كل شيء ما خلا الله باطل " أو كان الكلام مجعولا شعارا كقولهم " لا إله إلا الله كلمة الإسلام " وقال تعالى ( ولقد قالوا كلمة الكفر ) .
فالمعنى : جعل إبراهيم قوله ( إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني ) شعارا لعقبه أي جعلها هي وما يرادفها قولا باقيا في عقبه على مر الزمان فلا يخلو عقب إبراهيم من موحدين لله نابذين للأصنام .
وأشعر حرف الظرفية بأن هاته الكلمة لم تنقطع بين عقب إبراهيم دون أن تعم العقب فإن أريد بالعقب مجموع أعقابه فإن كلمة التوحيد لم تنقطع من اليهود وانقطعت من العرب بعد أن تقلدوا عبادة الأصنام إلا من تهود منهم أو تنصر وإن أريد من كل عقب فإن العرب لم يخلوا من قائم بكلمة التوحيد مثل المتنصرين منهم كالقبائل المتنصرة وورقة بن نوفل ومثل المتحنفين كزيد بن عمرو بن نفيل وأمية بن أبي الصلت . وذلك أن ( في ) ترد للتبعيض كما ذكرناه في قوله تعالى ( وارزقوهم فيها واكسوهم ) في سورة النساء وقال سبرة بن عمرو الفقعسي من الحماسة : .
" ونشرب في أثمانها ونقامر والعقب : الذرية الذين لا ينفصلون من أصلهم بأنثى أي جعل إبراهيم كلمة التوحيد باقية في عقبه بالوصاية عليها راجيا أنهم يرجعون أي يتذكرون بها التوحيد إذا ران رين على قلوبهم أو استحسنوا عبادة الأصنام كما قال قوم موسى ( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ) فيهتدون بتلك الكلمة حين يضيق الزمان عن بسط الحجة . وهذا شأن الكلام الذي يجعل شعارا لشيء فإنه يكون أصلا موضوعا قد تبين صدقه وإصابته فاستحضاره يغني عن إعادة بسط الحجة له