وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون [ 24 ] ) بدل من جملة ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون ) لأن ذلك يشتمل على معنى : لا نتبعكم ونترك ما وجدنا عليه آباءنا وضمير ( قالوا ) راجع إلى ( مترفوها ) لأن موقع جملة ( فانتقمنا منهم ) يعين أن هؤلاء القائلين وقع الانتقام منهم فلا يكون منهم المشركون الذين وقع تهديدهم بأولئك .
وقولهم ( ما أرسلتم به ) يجوز أن يكون حكاية لقولهم فإطلاقهم اسم الإرسال على دعوة رسلهم تهكم مثل قوله ( ما لهذا الرسول يأكل الطعام ) ويجوز أن يكون حكاية بالمعنى وإنما قالوا إنا بما زعمتم أنكم مرسلون به وما أرسلوا به توحيد الإله .
( فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عقبة المكذبين [ 25 ] ) تفريع على جملة ( قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ) أي انتقمنا منهم عقب تصريحهم بتكذيب الرسل . وهذا تهديد بالانتقام من الذين شابهوهم في مقالهم وهم كفار قريش .
والانتقام افتعال من النقم وهو المكافأة بالسوء وصيغة الافتعال لمجرد المبالغة يقال : نقم كعلم وضرب إذا كافأ على السوء بسوء وفي مثل " هو كالأرقم إن يترك يلقم وإن يقتل ينقم " . الأرقم : ضرب من الحيات يعتقد العرب أنه من الجن فإن تركه المرء يتسور عليه فيلسعه ويقتله وإن قتله المرء انتقم بتأثيره فأمات قاتله وهذا من أوهام العرب .
A E والمراد بالانتقام استئصالهم وانقراضهم . وتقدم في قوله تعالى ( فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم ) في سورة الأعراف .
ولذلك فالنظر في قوله ( فانظر كيف كان عاقبة المكذبين ) نظر التفكر والتأمل فيما قص الله على رسوله من أخبارهم كقوله تعالى ( قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ) في سورة النمل وليس نظر البصر إذ لم ير النبي حالة الانتقام فيهم .
ويجوز أن يكون الخطاب لغير معين أي لكل من يتأتى منه التأمل .
و ( كيف ) استفهام عن الحالة وهو قد علق فعل النظر عن مفعوله .
( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني بريء مما تعبدون [ 26 ] إلا الذي فطرني فإنه سيهدين [ 27 ] ) لما ذكرهم الله بالأمم الماضية وشبه حالهم بحالهم ساق لهم أمثالا في ذلك من مواقف الرسل مع أممهم منها قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه .
وابتدأ بذكر إبراهيم وقومه إبطالا لقول المشركين : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون بأن أولى آبائهم بأن يقتدوا به هو أبوهم الذي يفتخرون بنسبته إبراهيم .
وجملة ( وإذ قال إبراهيم ) عطف على عموم الكلام السابق من قوله ( وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير ) إلى قوله ( وإذ قال إبراهيم ) وهو عطف الغرض على الغرض .
و ( إذ ) ظرف متعلق بمحذوف تقديره : واذكر إذ قال إبراهيم ونظائر هذا كثيرة في القرآن كما تقدم في قوله تعالى ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) في سورة البقرة .
والمعنى : واذكر زمان قول إبراهيم لأبيه وقومه قولا صريحا في التبرئ من عبادة الأصنام .
وخص أبو إبراهيم بالذكر قبل ذكر قومه وما هو إلا واحد منهم اهتماما بذكره لأن براءة إبراهيم مما يعبد أبوه أدل على تجنب عبادة الأصنام بحيث لا يتسامح فيها ولو كان الذي يعبدها أقرب الناس إلى موحد الله بالعبادة مثل الأب ولتكون حكاية كلام إبراهيم قدوة لإبطال قول المشركين ( وإنا على أثارهم مهتدون ) قال تعالى ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله ) أي فما كان لكم أن تقتدوا بآبائكم المشركين وهلا اقتديتم بأفضل آبائكم وهو إبراهيم .
والبراء بفتح الباء مصدر بوزن الفعال مثل الظماء والسماع يخبر به ويوصف به في لغة أهل العالية " وهي ما فوق نجد إلى أرض تهامة مما وراء مكة " وأما أهل نجد فيقولون بريء .
والاستثناء في قوله ( إلا الذي فطرني ) استثناء من ( ما تعبدون ) و ( ما ) موصولة أي من الذين تعبدونهم فإن قوم إبراهيم كانوا مشركين مثل مشركي العرب . وقد بسطنا ذلك فيما تقدم عند قوله ( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة ) .
وفرع على هذا قوله ( فإنه سيهدين ) لأن قوله ( إنني براء مما تعبدون ) يتضمن معنى : إنني اهتديت إلى بطلان عبادتكم الأصنام بهدي من الله