وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتضمنت الآية أن النبي A منزه عن أن يتطلب من الناس جزاء على تبليغ الهدى إليهم فإن النبوءة أعظم مرتبة في تعليم الحق . وهي فوق مرتبة الحكمة والحكماء تنزهوا عن أخذ الأجر على تعليم الحكمة فإن الحكمة خير كثير والخير الكثير لا تقابله أعراض الدنيا ولذلك أمر الله رسله بالتنزه عن طلب جزاء على التبليغ فقال حكاية عن نوح ( وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ) . وكذلك حكى عن هود وصالح ولوط وشعيب .
( ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور [ 23 ] ) تذييل لجملة ( ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) والمعنى : وكلما عمل مؤمن حسنة زدناه حسنا من ذلك الفضل الكبير . وهذا في معنى قوله تعالى ( والله يضاعف لمن يشاء ) والواو اعتراضية .
والاقتراف : افتعال من القرف وهو الاكتساب فالاقتراف مبالغة في الكسب نظير الاكتساب وليس خاصا باكتساب السوء وان كان قد غلب فيه وأصله من قرف الشجرة إذا قشر قرفها بكسر القاف وهو لحاؤها أي قشر عودها وتقدم عند قوله تعالى ( وليقترفوا ما هم مقترفون ) في سورة الأنعام وعند قوله ( وأموال اقترفتموها ) في سورة براءة .
والحسنة : الفعلة ذات الحسن صفة مشبهة غلبت في استعمال القرآن والسنة على الطاعة والقربة فصارت بمنزلة الجوامد علما بالغلبة وهي مشتقة من الحسن وهو جمال الصورة . والحسن : ضد القبح وهو صفة في الذات تقتضي قبول منظرها في نفوس الرائين وميلهم إلى مداومة مشاهدتها . وتوصف المعنويات بالحسن فيراد به كون الفعل أو الصفة محمودة عند العقول مرغوبا في الاتصاف بها .
ولما كانت الحسنة مأخوذة من الحسن جعلت الزيادة فيها من الزيادة في الحسن مراعاة لأصل الاشتقاق فكان ذكر الحسن من الجناس المعبر عنه بجناس الاشتقاق نحو قوله تعالى ( فأقم وجهك للدين القيم ) وصار المعنى نزد له فيها مماثلا لها .
ويتعين أن الزيادة فيها زيادة من غير عمله ولا تكون الزيادة بعمل يعمله غيره لأنها تصير عملا يستحق الزيادة أيضا فلا تنتهي الزيادة فتعين أن المراد الزيادة في جزاء أمثالها عند الله . وهذا معنى قوله تعالى ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) وقوله ( والله يضاعف لمن يشاء ) وقول النبي A : " من هم بحسنة فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف " .
وجملة ( إن الله غفور شكور ) تذييل وتعليل للزيادة لقصد تحقيقها بأن الله كثيرة مغفرته لمن يستحقها كثير شكره للمتقربين إليه . والمقصود بالتعليل هو وصف الشكور وأما وصف الغفور فقد ذكر للاشارة إلى ترغيب المقترفين السيئات في الاستغفار والتوبة ليغفر لهم فلا يقنطوا من رحمة الله .
( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله البطل ويحق الحق بكلمته إنه عليم بذات الصدور [ 24 ] ) إضراب انتقالي عطفا على قوله ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) وهو الكلام المضرب عنه والمنتقل منه والمراد الانتقال إلى توبيخ آخر فالهمزة المقدرة بعد ( أم ) للاستفهام التوبيخي فإنهم قالوا ذلك فاستحقوا التوبيخ عليه . والمعنى : أم قالوا افترى ويقولونه .
وجيء بفعل ( يقولون ) بصيغة المضارع ليتوجه التوبيخ لاستمرارهم على هذا القول الشنيع مع ظهور دلائل بطلانه . فإذا كان قولهم هذا شنعا من القول فاستمرارهم عليه أشنع .
A E وفرع على توبيخهم على ذلك قوله ( فإن يشإ الله يختم على قلبك ) وهو تفريع فيه خفاء ودقة لأن المتبادر من التفريع أن ما بعد الفاء إبطال لما نسبوه إليه من الافتراء على الله وتوكيد للتوبيخ فكيف يستفاد هذا الإبطال من الشرط وجوابه المفرعين على التوبيخ .
وللمفسرين في بيان هذا التفريع وترتبه على ما قبله أفهام عديدة لا يخلو معظمها عن تكلف وضعف اقتناع