وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقال أبو بكر الباقلاني : الكافر منعم عليه نعمة دنيوية . وقالت المعتزلة : وهو منعم عليه نعمة دنيوية ودينية : فالدنيوية ظاهرة والدينية كالقدرة على النظر المؤدي إلى معرفة الله .
وهذه مسألة أرجع المحققون الخلاف فيها إلى اللفظ والبناء على المصطلحات والاعتبارات الموافقة لدقائق المذاهب إذ لا ينازع أحد في نعمة المنعمين منهم وقد قال تعالى ( وذرني والمكذبين أولي النعمة ) .
وعطف ( وهو القوي العزيز ) على صفة ( لطيف ) أو على جملة ( يرزق من يشاء ) وهو تمجيد لله تعالى بهاتين الصفتين ويفيد الاحتراس من توهم أن لطفه عن عجز أو مصانعة فإنه قوي عزيز لا يعجز ولا يصانع أو عن توهم أن رزقه لمن يشاء عن شح أو قلة فإنه القوي والقوي تنتفي عنه أسباب الشح والعزيز ينتفي عنه سبب الفقر فرزقه لمن يشاء بما يشاء منوط لحكمة علمها في أحوال خلقه عامة وخاصة قال تعالى ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء ) الآية .
والإخبار عن اسم الجلالة بالمسند المعرف باللام يفيد معنى قصر القوة والعزة عليه تعالى وهو قصر الجنس للمبالغة لكماله فيه تعالى حتى كأن قوة غيره وعزة غيره عدم .
( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب [ 20 ] ) هذه الآية متصلة بقوله ( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ) الآية لما تضمنته من وجود فريقين : فريق المؤمنين أكبر همهم حياة الآخرة وفريق الذين لا يؤمنون همهم قاصرة على حياة الدنيا فجاء في هذه الآية تفصيل معاملة الله الفريقين معاملة متفاوتة مع استوائهم في كونهم عبيده وكونهم بمحل لطف منه فكانت جملة ( الله لطيف بعباده ) تمهيدا لهذه الجملة وكانت هاته الجملة تفصيلا لحظوظ الفريقين في شأن الإيمان بالآخرة وعدم الأيمان بها .
ولأجل هذا الاتصال بينها وبين جملة ( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ) ترك عطفها عليها وترك عطف توطئتها كذلك ولأجل الاتصال بينها وبين جملة ( الله لطيف بعباده ) اتصال المقصود بالتوطئة ترك عطفها على جملة ( الله لطيف بعباده ) .
A E والحرث : أصله مصدر حرث إذا شق الأرض ليزرع فيها حبا أو ليغرس فيها شجرا وأطلق على الأرض التي فيها زرع أو شجر وهو إطلاق كثير كما في قوله تعالى ( أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين ) أي جنتكم لقوله قبله ( كما بلونا أصحاب الجنة ) وقال ( زين للناس حب الشهوات من النساء ) إلى قوله ( والأنعام والحرث ) وقد تقدم في سورة آل عمران .
والحرث في هذه الآية تمثيل للإقبال على كسب ما يعده الكاسب نفعا له يرجو منه فائدة وافرة بإقبال الفلاح على شق الأرض وزرعها ليحصل له سنابل كثيرة وثمار من شجر الحرث ومنه قول امرئ القيس : .
كلانا إذا ما نال شيئا أفاته ... ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل وإضافة ( حرث ) إلى ( الآخرة ) وإلى ( الدنيا ) على معنى اللام كقوله ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها ) وهي لام الاختصاص وهو في مثل هذا اختصاص المعلل بعلته وما لام التعليل إلا من تصاريف لام الاختصاص .
ومعنى ( يريد حرث الآخرة ) يبتغي عملا لأجل الآخرة . وذلك المريد : هو المؤمن بالآخرة لأن المؤمن بالآخرة لا يخلو عن أن يريد الآخرة ببعض أعماله كثيرا كان أو قليلا والذي يريد حرث الدنيا مراد به : من لا يسعى إلا لعمل الدنيا بقرينة المقابلة بمن يريد حرث الآخرة فتعين أن مريد حرث الدنيا في هذه الآية : هو الذي لا يؤمن بالآخرة . ونظيرها في هذا قوله تعالى في سورة هود ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ) ألا ترى إلى قوله ( ليس لهم في الآخرة إلا النار ) وقوله في سورة الإسراء ( من يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ) .
وفعل ( نزد له في حرثه ) يتحمل معنيين :