وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والكاف في ( كما أمرت ) لتشبيه معنى المماثلة أي دعوة واستقامة مثل الذي أمرت به أي على وفاقه أي وافية بما أمرت به . وهذه الكاف مما يسمى كاف التعليل كقوله تعالى ( واذكروه كما هداكم ) وليس التعليل من معاني الكاف في التحقيق ولكنه حاصل معنى يعرض في استعمال الكاف إذا أريد تشبيه عاملها بمدخولها على معنى المطابقة والموافقة .
والاتباع يطلق مجازا على المجاراة والموافقة وعلى المحاكاة والمماثلة في العمل والمراد هنا كلا الإطلاقين ليرجع النهي إلى النهي عن مخالفة الأمرين المأمور بهما في قوله ( فادع واستقم ) .
وضمير ( أهواءهم ) للذين ذكروا من قبل من المشركين والذين أوتوا الكتاب والمقصود : نهي المسلمين عن ذلك من باب ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) ألا ترى إلى قوله ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ) في سورة هود .
ويجوز أن يكون معنى ( ولا تتبع أهواءهم ) لاتجارهم في معاملتهم أي لا يحملك طعنهم في دعوتك على عدم ذكر فضائل رسلهم وهدي كتبهم " عدا ما بدلوه منها " فأعلن بأنك مؤمن بكتبهم ولذلك عطف على قوله ( ولا تتبع أهواءهم ) قوله ( وقل أمنت بما أنزل الله من كتاب ) الآية فموقع واو العطف فيه بمنزلة موقع فاء التفريع . ويكون المعنى كقوله تعالى ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) في سورة المائدة .
والأهواء : جمع هوى وهو المحبة وغلب على محبة ما لا نفع فيه أي ادعهم إلى الحق وإن كرهوه واستقم أنت ومن معك وإن عاداكم أهل الكتاب فهم يحبون أن تتبعوا ملتهم وهذا من معنى قوله ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ) .
A E وقوله ( وقل أمنت بما أنزل الله من كتاب ) بعد قوله ( فادع ) أمر بمخالفة اليهود إذ قالوا ( نؤمن ببعض ) يعنون التوراة ( ونكفر ببعض ) يعنون الإنجيل والقرآن فأمر الرسول A والمسلمون بالإيمان بالكتب الثلاثة الموحى بها من الله كما قال تعالى ( وتؤمنون بالكتاب كله ) . فالمعنى : وقل لمن يهمه هذا القول وهم اليهود . وإنما أمر بأن يقول ذلك إعلانا به وإبلاغا لأسماع اليهود فلا يقابل إنكارهم حقية كتابه بإنكاره حقية كتابهم وفي هذا إظهار لما تشتمل عليه دعوته من الإنصاف .
و ( من كتاب ) بيان لما أنزل الله فالتنكير في ( كتاب ) للنوعية أي بأي كتاب أنزله الله وليس يومئذ كتاب معروف غير التوراة والإنجيل والقرآن .
وضمير ( بينكم ) خطاب للذين أمر بأن يوجه هذا القول إليهم وهم اليهود أي أمرت أن أقيم بينكم العدل بأن أدعوكم إلى الحق ولا أظلمكم لأجل عداواتكم ولكني أنفذ أمر الله فيكم ولا أنتمي إلى اليهود ولا إلى النصارى .
ومعنى ( بينكم ) أنني أقيم العدل بينكم فلا ترون بينكم جورا مني ف ( بين ) هنا ظرف متحد غير موزع فهو بمعنى وسط الجمع وخلاله بخلاف ( بين ) في قول القائل : قضى بين الخصمين أو قسم المال بين العفاة . فليس المعنى : لأعدل بين فرقكم إذ لا يقتضيه السياق .
وفي هذه الآية مع كونها نازلة في مكة في زمن ضعف المسلمين إعجاز بالغيب يدل على أن الرسول A سيكون له الحكم على يهود بلاد العرب مثل أهل خيبر وتيماء وقريظة والنضير وبني قينقاع وقد عدل فيهم وأقرهم على أمرهم حتى ظاهروا عليه الأحزاب كما تقدم في سورة الأحزاب .
واللام في قوله ( لأعدل ) لام يكثر وقوعها بعد أفعال مادتي الأمر والإرادة نحو قوله تعالى ( يريد الله ليبين لكم ) وتقدم الكلام عليها وبعضهم يجعلها زائدة .
وجملة ( الله ربنا وربكم ) من المأمور بأن يقوله . فهي كلها جملة مستأنفة عن جملة ( آمنت بما أنزل الله من كتاب ) مقررة لمضمونها لأن المقصود من جملة ( الله ربنا وربكم ) بحذافرها هو قوله ( لا حجة بيننا وبينكم ) فهي مقررة لمضمون ( آمنت بما أنزل الله من كتاب ) وإنما ابتدئت بجملتي ( الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) تمهيدا للغرض المقصود وهو لا حجة بيننا وبينكم فلذلك كانت الجمل كلها مفصولة عن جملة ( آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم )