وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأما ( ما ) الموصولة فأصلها اسم عام نكرة مبهمة محتاجة إلى صفة نحو قوله تعالى ( إن الله نعما يعظكم به ) عند الزمخشري وجماعة إذ قدروه : نعم شيئا يعظكم به . ف ( ما ) نكرة تمييز ب ( نعم ) وجملة ( يعظكم به ) صفة لتلك النكرة . وقال سيبويه في قوله تعالى ( هذا ما لدي عتيد ) المراد : هذا شيء لدي عتيد وأنشدوا : .
لما نافع يسعى اللبيب فلا تكن ... لشيء بعيد نفعه الدهر ساعيا أي لشيء نافع فقد جاءت صفتها اسما مفردا بقرينة مقابلته بقوله : لشيء بعيد نفعه ثم يعرض ب ( ما ) التعريف بكثرة استعمالها نكرة موصوفة بجملة فتعرفت بصفتها وأشبهت اسم الموصول في ملازمة الجملة بعدها ولذلك كثر استعمال ( ما ) موصولة في غير العقلاء فيكون إيثار ( ما وصى به نوحا وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ) بحرف ( ما ) لمناسبة أنها شرائع بعد العهد بها فلم تكن معهودة عند المخاطبين إلا إجمالا فكانت نكرات لا تتميز إلا بصفاتها وأما إيثار الموحى به إلى النبي A باسم ( الذي ) فلأنه شرع متداول فيهم معروف عندهم . فالتقدير : شرع لكم شيئا وصى به نوحا وشيئا وصى به إبراهيم وموسى وعيسى والشيء الموحى به إليك . ولعل هذا من نكت الإعجاز المغفول عنها .
وفي العدول من الغيبة إلى التكلم في قوله ( والذي أوحينا إليك ) بعد قوله ( شرع لكم ) التفات .
A E وذكر في جانب الشرائع الأربع السابقة فعل ( وصى ) وفي جانب شريعة محمد A فعل الإيحاء لأن الشرائع التي سبقت شريعة الإسلام كانت شرائع مؤقتة مقدرا ورود شريعة بعدها فكان العمل بها كالعمل الذي يقوم به مؤتمن على شيء حتى يأتي صاحبه وليقع الاتصال بين فعل ( أوحينا إليك ) وبين قوله في صدر السورة ( كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم ) .
و ( أن ) في قوله ( أن أقيموا الدين ) يجوز أن تكون مصدرية فإنها قد تدخل على الجملة الفعلية التي فعلها متصرف والمصدر الحاصل منها في موضع بدل الاشتمال من ( ما ) الموصولة الأولى أو الأخيرة . وإذا كان بدلا من إحداهما كان في معنى البدل من جميع أخواتهما لأنها سواء في المفعولية لفعل ( شرع ) بواسطة العطف فيكون الأمر بإقامة الدين والنهي عن التفرق فيه مما اشتملت عليه وصاية الأديان .
ويجوز أن تكون تفسيرية لمعنى ( وصى ) لأنه يتضمن معنى القول دون حروفه . فالمعنى : أن إقامة الدين واجتماع الكلمة عليه أوصى الله بها كل رسول من الرسل الذين سماهم . وهذا الوجه يقتضي أن ما حكي شرعه في الأديان السابقة هو هذا المعنى وهو إقامة الدين المشروع كما هو والإقامة مجملة يفسرها ما في كل دين من الفروع .
وإقامة الشيء : جعله قائما وهي استعارة للحرص على العمل به كقوله ( ويقيمون الصلاة ) وقد تقدم في سورة البقرة .
وضمير ( أقيموا ) مراد به : أمم أولئك الرسل ولم يسبق لهم ذكر في اللفظ لكن دل على تقديرهم ما في فعل ( وصى ) من معنى التبليغ .
وأعقب الأمر بإقامة الدين بالنهي عن التفرق في الدين .
والتفرق : ضد التجمع وأصله : تباعد الذوات أي اتساع المسافة بينها ويستعار كثيرا لقوة الاختلاف في الأحوال والآراء كما هنا وهو يشمل التفرق بين الأمة بالإيمان بالرسول والكفر به أي لا تختلفوا على أنبيائكم ويشمل التفرق بين الذين آمنوا بأن يكونوا نحلا وأحزابا وذلك اختلاف الأمة في أمور دينها أي في أصوله وقواعده ومقاصده فإن الاختلاف في الأصول يفضي إلى تعطيل بعضها فينخرم بعض أساس الدين .
والمراد : ولا تتفرقوا في إقامته بأن ينشط بعضهم لإقامته ويتخاذل البعض إذ بدون الاتفاق على إقامة الدين يضطرب أمره . ووجه ذلك أن تأثير النفوس إذا اتفقت يتوارد على قصد واحد فيقوى ذلك التأثير ويسرع في حصول الأثر إذ يصير كل فرد من الأمة معينا للآخر فيسهل مقصدهم من إقامة دينهم . أما إذا حصل التفرق والاختلاف فذلك مفض إلى ضياع أمور الدين في خلال ذلك الاختلاف ثم هو لا يلبث أن يلقي بالأمة إلى العداوة بينها وقد يجرهم إلى أن يتربص بعضهم ببعض الدوائر ولذلك قال الله تعالى ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )