وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمعنى : أنه نعي عليهم سوء استدلالهم وفساد قياسهم في الأمور الإلهية وقياسهم الغائب على الشاهد تلك الأصول التي استدرجتهم في الضلالة فأحالوا رسالة البشر عن الله ونفوا البعث ثم أثبتوا شركاء لله في الإلهية وتفرع لهم من ذلك كله قطع نظرهم عما وراء الحياة الدنيا وأمنهم من التبعات في الحياة الدنيا فذلك جماع قوله تعالى ( وذلكم الذي ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ) .
وأعلم أن أسباب الضلال في العقائد كلها إنما تأتي على الناس من فساد التأمل وسرعة الإيقان وعدم التمييز بين الدلائل الصائبة والدلائل المشابهة وكل ذلك بفضي إلى الوهم المعبر عنه بالظن السيئ أو الباطل .
وقد ذكر الله مثله في المنافقين وأن ظنهم هو ظن أهل الجاهلية فقال ( يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ) فليحذر المؤمنون من الوقوع في مثل هذه الأوهام فيبوءوا ببعض ما نعي على عبدة الأصنام .
وقد قال النبي A " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " يريد الظن الذي لا دليل عليه .
و ( أصبحتم ) بمعنى : صرتم لأن أصبح يكثر أن تأتي بمعنى : صار .
( فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين [ 24 ] ) تفريع على جواب ( إذا ) على كلا الوجهين المتقدمين أو تفريع على جملة ( وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا ) أو هو جواب ( إذا ) وما بينهما اعتراض على حسب ما يناسب الوجوه المتقدمة .
والمعنى على جميع الوجوه : أن حاصل أمرهم أنهم قد زج بهم في النار فإن صبروا واستسلموا فهم باقون في النار وإن اعتذروا لم ينفعهم العذر ولم يقبل منهم تنصل .
وقوله ( فالنار مثوى لهم ) دليل جواب الشرط لأن كون النار مثوى لهم ليس مسببا على حصول صبرهم وإنما هو من باب قولهم : إن قبل ذلك فذاك أي فهو على ذلك الحال فالتقدير : فإن يصبروا فلا يسعهم إلا الصبر لأن النار مثوى لهم .
ومعنى ( وإن يستعتبوا ) إن يسألوا العتبى " بضم العين وفتح الموحدة مقصورا اسم مصدر الإعتاب " وهي رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب .
وفي المثل " ما مسيء من أعتب " أي من رجع عما أساء به فكأنه لم يسيء . وقلما استعملوا المصدر الأصلي بمعنى الرجوع استغناء عنه باسم المصدر وهو العتبى . والعاتب هو اللائم والسين والتاء فيه للطلب لأن المرء لا يسأل أحدا أن يعاتبه وإنما يسأله ترك المعاتبة أي يسأله الصفح عنه فإذا قبل منه ذلك قيل : أعتبه أيضا وهذا من غريب تصاريف هذه المادة في للغة ولهذا كادوا أن يميتوا مصدر : أعتب بمعنى رجع وأبقوه في معنى قبل العتبى وهو المراد في قوله تعالى ( فما هم من المعتبين ) أي أن الله لا يعتبهم أي لا يقبل منهم .
( وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين [ 25 ] ) عطف على جملة ( ويوم نحشر أعداء الله ) وذلك أنه حكي قولهم المقتضي إعراضهم عن التدبر في دعوة الإيمان ثم ذكر كفرهم بخالق الأكوان بقوله ( قل أينكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين ) .
A E ثم ذكر مصيرهم في الآخرة بقوله ( ويوم نحشر أعداء الله ) ثم عقب ذلك بذكر سبب ضلالهم الذي نشأت عنه أحوالهم بقوله ( وقيضنا لهم قرناء ) . وتخلل بين ما هنالك وما هنا أفانين من المواعظ والدلائل والمنن والتعاليم والقوارع والإيقاظ .
وقيض : أتاح وهيأ شيئا للعمل في شيء . والقرناء جمع : قرين وهو الصاحب الملازم والقرناء هنا : هم الملازمون لهم في الضلالة : إما في الظاهر مثل دعاة الكفر وأئمته وإما في باطن النفوس مثل شياطين الوسواس الذين قال الله فيهم ( ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين ) ويأتي في سورة الزخرف