وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فأما ما ورد في سبب نزول الآية فهو حديث الصحيحين وجامع الترمذي بأسانيد يزيد بعضها على بعض إلى عبد الله بن مسعود قال " كنت مستترا بأستار شحم بطونهم فتكلموا بكلام لم أفهمه فقال أحدهم : أترون الله يسمع ما نقول فقال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا قال عبد الله : فذكرت ذلك للنبي A فأنزل الله تعالى ( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ) إلى قوله ( فأصبحتم من الخاسرين ) . وهذا بظاهره يقتضي أن المخاطب به نفر معين في قضية خاصة مع الصلاحية لشمول من عسى أن يكون صدر منهم مثل هذا العمل للتساوي في التفكير .
ويجعل موقعها بين الآيات التي قبلها وبعدها غريبا فيجوز أن يكون نزولها صادف الوقت الموالي لنزول التي قبلها ويجوز أن تكون نزلت في وقت آخر وأن رسول الله A أمر بوضعها في موضعها هذا لمناسبة ما في الآية التي قبلها من شهادة سمعهم وأبصارهم .
ومع هذا فهي آية مكية إذ لم يختلف المفسرون في أ السورة كلها مكية . وقال ابن عطية : يشبه أن يكون هذا بعد فتح مكة فالآية مدنية ويشبه أن رسول الله A قرأ الآية متمثلا بها عند إخبار عبد الله إياه اه . وفي كلامه الأول مخالفة لما جزم به هو وغيره من المفسرين أن السورة كلها مكية وكيف يصح كلامه ذلك وقد ذكر غيره أن النفر الثلاثة هم : عبدياليل الثقفي وصفوان وربيعة ابنا أمية بن خلف فأما عبديليل فأسلم وله صحبة عند ابن إسحاق وجماعة وكذلك صفوان بن أمية وأما ربيعة بن أمية فلا يعرف له إسلام فلا يلاقي ذلك أن تكون الآية نزلت بعد فتح مكة . وأحسن ما في كلام ابن عطية طرفة الثاني وهو أن النبي A قرأ الآية متمثلا بها فإن ذلك يؤول قول ابن مسعود فأنزل الله تعالى الآية ويبين وجه قراءة النبي A إياها عندما أخبره ابن مسعود : بأنه قرأها تحقيقا لمثال من صور معنى الآية وهو أن مثل هذا النفر ممن يشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم وذلك قاض بأن هؤلاء النفر كانوا مشركين يومئذ والآية تحق على من مات منهم كافرا مثل ربيعة بن أمية بن خلف .
وعلى بعض احتمالات فيما ذكر يكون فعل ( تستترون ) مستعملا في حقيقته ومجازه ولا يعوزك توزيع أصناف هذه الاحتمالات بعضها مع بعض في كل تقدير تفرضه .
وحاصل معنى الآية على جميع الاحتمالات : أن الله عليم بأعمالكم ونياتكم لا يخفى عليه شيء منها إن جهرتم أو سترتم وليس الله بحاجة إلى شهادة جوار حكم عليكم وما أوقعكم في هذا الضر إلا سوء ظنكم بجلال الله .
( وذلكم ظنكم ) الإشارة إلى الظن المأخوذ من فعل ( ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعلمون ) ويستفاد من الإشارة إليه تمييزه أكمل تمييز وتشهير شناعته للنداء على ضلالهم .
وأتبع اسم الإشارة بالبدل بقوله ( ظنكم ) لزيادة بيانه ليتمكن ما يعقبه من الخبر والخبر هو فعل ( أرداكم ) وما تفرع عليه .
و ( الذي ظننتم بربكم ) صفة ل ( ظنكم ) . والإتيان بالموصول لما في الصلة من الإيماء إلى وجه بناء الخبر وه ( أرداكم ) وما تفرع عليه أي الذي ظننتم بربكم ظنا باطلا .
A E والعدول عن اسم الله العلم إلى ( بربكم ) للتنبيه على ضلال ظنهم إذ ظنوا خفاء بعض أعمالهم عن علمه مع أنه ربهم وخلقهم فكيف يخلقهم وتخفى عنه أعمالهم وهو يشير إلى قوله ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) ففي وصف ( بربكم ) إيماء إلى هنا المعنى .
والإرادء : الإهلاك يقال : ردي كرضي إذا هلك أي مات والإرداء مستعار للإيقاع في سوء الحالة وفي الإتيان بالمسند فعلا إفادة قصر أي ما أرداكم إلا ظنكم ذلك وهو قصر إضافي أي لم تردكم شهادة جوارحكم حتى تلوموها بل أرداكم ظنكم أن الله لا يعلم أعمالكم فلم تحذروا عقابه .
وقوله ( فأصبحتم من الخاسرين ) تمثيل لحالهم إذ يحسبون أنهم وصلوا إلى معرفة ما يحق أن يعرفوه من شؤون الله ووثقوا من تحصيل سعادتهم وهم ما عرفوا الله حق معرفته فعاملوا الله بما لا يرضاه فاستحقوا العذاب من حيث ظنوا النجاة فشبه حالهم بحال التاجر الذي استعد للربح فوقع في الخسارة