وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويعلم من قوله في شأن عاد ( ولعذاب الآخرة أخزى ) أن ثمود عذابا في الآخرة لأن المتين تماثلتا في الكفر فلم يذكر ذلك هنا اكتفاء بذكره فيما تقدم . وهذا محسن الاكتفاء وهو محسن يرجع إلى الإيجاز .
( ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون [ 18 ] ) الأظهر أنه عطف على التفصيل في قوله ( فأما عاد فاستكبروا ) وما عطف عليه من قوله ( وأما ثمود فهديناهم ) لأن موقع هاته الجملة المتضمنة إنجاء المؤمنين من العذاب بعد أن ذكر عذاب عاد وعذاب ثمود يشير إلى أن المعنى إنجاء الذين آمنوا من قوم عاد وقوم ثمود فمضمون هذه الجملة فيه معنى استثناء من عموم أمتي عاد وثمود فيكون لها حم الاستثناء الوارد بعد جمل متعاقبة أنه يعود إلى جميعها فإن جملتي التفصيل هما المقصود قال تعالى ( فلما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ) وقال ( فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ) . وقد بينا في سورة هود كيف أنجى الله هودا والذين آمنوا معه وصالحا والذين آمنوا معه .
وقوله ( وكانوا يتقون ) أي كان سنتهم اتقاء الله والنظر فيما ينجي من غضبه وعقابه وهو أبلغ في الوصف من أن يقال : والمتقين .
( ويوم نحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون [ 19 ] حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون [ 20 ] وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ) لما فرغ من موعظة المشركين بحال الأمم المكذبة من قبلهم وإنذارهم بعذاب يحل بهم في الدنيا كما حل بأولئك ليكون لهم ذلك عبرة فإن لاستحضار المثل والنظائر أثرا في النفس تعتبر به ما لا تعتبر بتوصف المعني العقلية انتقل إلى إنذارهم بما سيحل بهم في الآخرة فجملة ( ويوم نحشر أعداء الله ) الآيات معطوفة على جملة ( فقل أنذرتكم صاعقة ) الآيات . والتقدير : وأنذرهم يوم نحشر أعداء الله إلى النار . ودل على هذا المقدر قوله ( أنذرتكم صاعقة ) الخ أي وأنذرهم يوم عقاب الآخرة .
وأعداء الله : هم مشركو قريش لأنهم أعداء رسوله A قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) يعني المشركين لقوله بعده ( يخرجون الرسول وإياكم ) ولأنها نزلت في قضية كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يعلمهم بتهيؤ النبي A لغزو مكة ولقوله في آخر هذه الآيات ( ذلك جزاء أعداء الله ) بعد قوله ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) .
ولا يجوز أن يكون المراد ب ( أعداء الله ) جميع الكفار من الأمم بحيث يدخل المشركون من قريش دخول البعض في العموم لأن ذلك المحمل لا يكون له موقع رشيق في المقام لأن الغرض من ذكر ما أصاب عادا وثمود هو تهديد مشركي مكة بحلول عذاب مثله في الدنيا لأنهم قد علموه ورأوا آثاره فللتهديد بمثله موقع لا يسعهم التغافل عنه وأما عذاب عاد وثمود في الآخرة فهو موعود به في المستقبل وهم لا يؤمنون به فلا يناسب أن يجعل موعظة لقريش بل الأجدر أن يقع إنذار قريش رأسا بعذاب يعذبونه في الآخرة ولذلك أطيل وصفه لتهويله ما لم يطل بمثله حين التعرض لعذاب عاد في الآخرة بقوله ( ولعذاب الآخرة أخزى ) المكتفي به عن ذكر عذاب ثمود . ولهذا فليس في قوله ( أعداء الله ) إظهار في مقام الإضمار من ضمير عاد وثمود .
A E ويجوز أن يكون ( ويوم نحشر أعداء الله ) مفعولا لفعل ( واذكر ) محذوفا مثل نظائره الكثيرة .
والحشر : جمع الناس في مكان لمقصد .
ويتعلق قوله ( إلى النار ) ب ( نحشر ) لتضمين ( نحشر ) معنى : نرسل أي نرسلهم إلى النار .
والفاء في قوله ( فهم يوزعون ) عطف وتفريع على ( نحشر ) لأن الحشر يقتضي الوزع إذ هو من لوازمه عرفا إذ الحشر يستلزم كثرة عدد المحشورين وكثرة العدد تستلزم الاختلاط وتداخل بعضهم في بعض فلا غنى لهم عن الوزع لتصفيفهم ورد بعضهم عن بعض .
والوزع : كف بعضهم عن بعض ومنعهم من الفوضى وتقدم في سورة النمل وهو كناية عن كثرة المحشورين .
وقرأ نافع ويعقوب ( نحشر ) بنون العظمة مبنيا للفاعل ونصب ( أعداء ) . وقرأه الباقون بياء الغائب مبنيا للنائب