وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ورتب على ذلك وصف عقابهم بأن الله أرسل عليهم ريحا فأشارت الفاء إلى أن عقابهم كان مسببا على حالة كفرهم بصفتها فإن باعث كفرهم كان اغترارهم بقوتهم فأهلكهم الله بما لا يترقب الناس الهلاك به فإن الناس يقولون للشيء الذي لا يؤبه به : هو ريح ليريهم أن الله شديد القوة وأنه يضع القوة في الشيء الهين مثل الريح ليكون عذابا وخزيا أي تحقيرا كما قال ( لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ) وأي خزي أشد من أن تتراماهم الريح في الجو كالريش وأن تلقيهم هلكى على التراب عن بكرة أبيهم فيشاهدهم المارون بديارهم جثثا صرعى قد تقلصت جلودهم وبليت أجسامهم كأنهم أعجاز نخل خاوية .
والريح : تموج في الهواء يحدث من تعاكس الحرارة والبرودة وتنتقل موجاته كما تنتقل أمواج البحر والريح الذي أصاب عادا هو الريح الدبور وهو الذي يهب من جهة دبر الكعبة قال النبي A " نصرت بالصبا وأهلكت عد بالدبور ) .
وإنما كانت الريح التي أصابت عادا بهذه القوة بسبب قوة انضغاط في الهواء غير معتاد فإن الانضغاط يصير الشيء الضعيف قويا كما شوهد في عصرنا أن الأجسام الدقيقة من أجزاء كيمياوية تسمى الذرة تصير بالانضغاط قادرة على نسف مدينة كاملة وتسمى الطاقة الذرية وقد نسف بها جزء عظيم من بلاد اليابان في الحرب العامة .
والصرصر : الريح العاصفة التي يكون لها صرصرة أي دوي في هبوبها من شدة سرعة تنقلها . وتضعيف عينة للمبالغة في شدتها بين أفراد نوعها كتضعيف كبكب للمبالغة في كب . وأصله صر أي صاح وهو وصف لا يؤنث لفظه لأنه لا يجري إلا على الريح وهي مقدرة التأنيث .
والنحسات بفتح النون وسكون الحاء : جمع نحس بدون تأنيث لأنه مصدر لفعل نحس كعلم كقوله تعالى ( في يوم نحس مستمر ) .
وقرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب بسكون الحاء . ويجوز كسر الحاء وبه قرأ البقية على أنه صفة مشبهة من ( نحس ) إذا أصابه النحس إصابة سوء أو ضر شديد .
وضده البخت في أوهام العامة . ولا حقيقة للنحس ولا للبخت ولكنهما عارضان للإنسان فالنحس يعرض له من سوء خلقه مزاجه أو من تفريطة أو من فساد بيئته أو قومه والبخت يعرض من جراء عكس ذلك . وبعض النوعين أمور اتفاقية وربما كان بعضها جزاء من الله على عمل خير أو شر من عباده أو في دينه كما حل بعاد وأهل الجاهلية . وعامة الأمم يتوهمون النحس والبخت من نوع الطيرة ومن التشاؤم والتيمن ومنه الزجر والعيافة عند العرب في الجاهلية ومنه تطلع الحدثان من طوالع الكواكب والأيام عند معظم الأمم الجاهلة أو المختلة العقيدة . وكل ذلك أبطله الإسلام أي كشف بطلانه بما لم يسبقه تعليم من الأديان التي ظهرت قبل الإسلام .
فمعنى وصف الأيام بالنحسات : أنها أيام سوء شديد أصابهم وهو عذاب الريح وهي ثمانية أيام كما جاء في قوله تعالى ( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ) فالمراد : أن تلك الأيام بخصوصها كانت نحسا وأن نحسها عليهم دون غيرهم من أهل الأرض لأن عادا هم المقصودون بالعذاب . وليس المراد أن تلك الأيام من كل عام هي أيام نحس على البشر لأن ذلك لا يستقيم لاقتضائه أن تكون جميع الأمم حل بها سوء في تلك الأيام .
ووصفت تلك الأيام بأنها ( نحسات ) لأنها لم يحدث فيها إلا السوء لهم من إصابة آلام الهشم المحقق إفضاؤه إلى الموت ومشاهدة الأموات من ذويهم وموت أنعامهم واقتلاع نخيلهم .
A E وقد اخترع أهل القصص تسمية ثمانية نصفها آخر شهر " شباط " ونصفها شهر " آذار " تكثر فيها الرياح غالبا دعوها أيام الحسوم ثم ركبوا على ذلك أنها الموصوفة بحسوم في قوله تعالى في سورة الحاقة ( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ) فزعموا أنها الأيام الموافقة لأيام الريح التي أصابت عادا ثم ركبوا على ذلك أنها أيام نحس من كل عام وكذبوا على بعض السلف مثل ابن عباس أكاذيب في ذلك وذلك ضغث على إبالة وتفنن في أوهام الضلالة .
وجمع " نحسات " بالألف والتاء لأنه صفة لجمع غير العاقل وهو ( أيام ) .
واللام في ( لنذيقهم ) للتعليل وهي متعلقة ب ( أرسلنا ) . والإذاقة تخييل لمكنية شبه العذاب بطعام هيئ لهم على وجه التهكم كما سمى عمرو بن كلثوم الغرة قرى في قوله :