وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( بغير الحق ) زيادة تشنيع لاستكبارهم فإن الاستكبار لا يكون بحق إذ لا مبرر للكبر بوجه من الوجوه لأن جميع الأمور المغريات بالكبر من العلم والمال والسلطان والقوة وغير ذلك لا تبلغ الإنسان مبلغ الخلو عن النقص وليس للضعيف الناقص حق في الكبر ولذلك كان الكبر من خصائص الله تعالى . وهم قد اغتروا بقوة أجسامهم وعزة أمتهم وادعوا أنهم لا يغلبهم أحد وهو معنى قولهم ( من أشد منا قوة ) فقولهم ذلك هو سبب استكبارهم لأنه أورثهم الاستخفاف بمن عداهم فلما جاءهم هود بإنكار ما هم عليه من الشرك والطغيان عظم عليهم ذلك لأنهم اعتادوا العجب بأنفسهم وأحوالهم فكذبوا رسولهم .
فلما كان اغترارهم بقوتهم هو باعثهم على الكفر قولهم ( من أشد من قوة ) دليلا عليه خص بالذكر .
وإنما عطفت بالواو مع أنه كالبيان لقوله ( فاستكبروا في الأرض بغير الحق ) إشارة إلى استقلاله بكونه موجب الإنكار عليهم لأن قولهم ذلك هو بمفرده منكر من القول فذكر بالعطف على فعل ( استكبروا ) لأن شأن العطف أن يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه ويعلم أنه باعثهم على الاستكبار بالسياق .
وجملة ( أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ) جملة معترضة والواو اعتراضية . والرؤية علمية والاستفهام إنكاري والمعنى : إنكار عدم علمهم بأن الله أشد منهم قوة حيث أعرضوا عن رسول ربهم وعن إنذاره إياهم إعراض من لا يكترث بعظمة الله تعالى لأنهم لو حسبوا لذلك حسابه لتوقعوا عذابه فلأقبلوا على دلائل صدق رسوله .
وإجراء وصف ( الذي خلقهم ) على اسم الجلالة لما في الصلة من الإيماء إلى وجه الإنكار عليهم لجهلهم بأن الله أقوى منهم فإن كونهم مخلوقين معلوم لهم بالضرورة فكان العلم به كافيا في الدلالة على أنه أشد منهم قوة وأنه حقيق بأن يحسبوا لغضبه حسابه فينظروا في أدلة صدق رسوله إليهم .
وضمير ( هو أشد منهم ) ضمير فصل وهو مفيد تقوية الحكم بمعنى وضوحه وإذا كان ذلك الحكم محققا كان عدم علمهم بمقتضاه أشنع وعذرهم في جهله منتفيا .
والقوة حقيقتها : حالة في الجسم يتأتى بها أن يعمل الأعمال الشاقة وتطلق على لازم ذلك من القدرة ووسائل الأعمال وقد تقدم بيان إطلاقها في قوله تعالى ( فخذها بقوة ) في سورة الأعراف والمراد بها هنا معناها الحقيقي والكنائي والمجازي فهو مستعمل في حقيقته تصريحا وكناية ومجازه لما عندهم من وسائل تذليل صعاب الأمور لقوة أجسامهم وقوة عقولهم . والعرب تضرب المثل بعاد في أصالة آرائهم فيقولون ( أحلام عاد ) قال النابغة : .
أحلام عاد وأجسام مطهرة ... من المعقة الآفات والإثم ويقولون في وصف الأشياء التي يقل صنع أمثالها ( عادية ) يقولون : بئر عادية وبناء عادي .
ولما كانت القوة تستلزم سعة القدرة أسند القوة إلى الله تعالى بمعنى أن قدرته تعالى لا يستعصي عليها شيء تتعلق به إرادته تعالى وهذا المراد هنا في قوله ( أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ) أي هو أوسع قدرة من قدرتهم فإطلاق القوة على قدرة الله تعالى بمعنى كمال القدرة أي عموم تأثيرها وتعلقها بالممكنات على وفق الإرادة لا يستعصي على تعلق قدرته شيء ممكن وكمال غناه عن التأثير للغير وتقدم عند قوله تعالى ( إن الله قوي شديد العقاب ) في سورة الأنفال .
وجملة ( أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ) معترضة بين الجمل المتعاطفة والواو فيها اعتراضية .
A E وقوله ( وكانوا بآياتنا يجحدون ) يحتمل أن المراد بالآيات معجزات رسولهم هود فلم يؤمنوا بها وأصروا على العناد ولم يذكر القرآن لهود آيات سوى أنه أنذرهم عذابا يأتيهم من السماء قال تعالى ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ) فذلك من تكذيبهم بأوائل الآيات .
ويحتمل أن المراد بالآيات دلائل الوحدانية التي في دعوة رسولهم وتذكيرهم بنعم الله عليهم كقوله ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة ) وقوله ( واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ) .
ودل فعل ( كانوا ) على أن التكذيب بالآيات متأصل فيهم . ودلت صيغة المضارع في قوله ( يجحدون ) أن الجحد متكرر فيهم متجدد