وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( الحمد لله ) يجوز أن تكون جوابا للاستفهام التقريري بناء على أن أحد الظرفين المقرر عليهما محقق الوقوع لا يسع المقرر عليه إلا الإقرار به فيقدرون : أنهم أقروا بعدم استوائهما في الحالة أي بأن أحدهما أفضل من الآخر فإن مثل هذا الاستفهام لا ينتظر السائل جوابا عنه فلذلك يصح أن يتولى الجواب عنه قبل أن يجيب المسؤول كقوله تعالى ( عم يتساءلون عن النبأ العظيم ) وقد يبنى على أن لمسؤول اعترف فيؤتى بما يناسب اعترافه كما هنا فكأنهم قالوا : لا يستويان وذلك هو ما يبتغيه المتكلم من استفهامه فلما وافق جوابهم بغية المستفهم حمد الله على نهوض حجته فتكون الجملة استئنافا فموقعها كموقع النتيجة بعد الدليل وتكون جملة ( بل أكثرهم لا يعلمون ) قرينة على أنهم نزلوا منزلة من علم فأقر وأنهم ليسوا كذلك في نفس الأمر .
ويجوز أن تكون معترضة إذا جعل الاستفهام إنكاريا فتكون معترضة بين الإنكار وبين الإضراب الانتقالي في قوله ( بل أكثرهم لا يعلمون ) أي لا يعلمون عدم استواء الحالتين ولو علموا لاختاروا لأنفسهم الحسنى منهما ولما أصروا على الإشراك .
وأفاد هذا أن ما انتحلوه من الشرك وتكاذيبه لا يمت إلى العلم بصلة فهو جهالة واختلاق . و ( بل ) للإضراب الانتقالي . وأسند عدم العلم لأكثرهم لأن أكثرهم عامة أتباع لزعمائهم الذين سنوا لهم الإشراك وشرائعه انتفاعا بالجاه والثناء الكاذب بحيث غشى ذلك على عملهم .
( إنك ميت وإنهم ميتون [ 30 ] ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون [ 31 ] ) لما جرى الكلام من أول السورة في مهيع إبطال الشرك وإثبات الوحدانية للإله وتوضيح الاختلاف بين حال المشركين وحال الموحدين المؤمنين بما ينبئ بتفضيل حال المؤمنين وفي مهيع إقامة الحجة على بطلان الشرك وعلى أحقية الإيمان وإرشاد المشركين إلى التبصر في هذا القرآن وتخلل في ذلك ما يقتضي أنهم غير مقلعين عن باطلهم وختم بتسجيل جهلهم وعدم علمهم ختم هذا الغرض بإحالتهم على حكم الله بينهم وبين المؤمنين يوم القيامة حين لا يستطيعون إنكارا وحين يلتفتون فلا يرون إلا نارا .
A E وقدم لذلك تذكيرهم بأن الناس كلهم صائرون إلى الموت فإن الموت آخر ما يذكر به السادر في غلوائه إذا كان قد اغتر بعظمة الحياة ولم يتفكر في اختيار طريق السلامة والنجاة وهذا من انتهاز القرآن فرص الإرشاد والموعظة .
فالمقصود هو قوله ( إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) فاغتنم هذا الغرض ليجتلب معه موعظة بما يتقدمه من الحوادث عسى أن يكون لهم بها معتر فحصلت بهذا فوائد منها تمهيد ذكر يوم القيامة ومنها التذكير بزوال هذه الحياة فهذان عامان للمشركين والمؤمنين ومنها حث المؤمنين على المبادرة للعمل الصالح ومنها إشعارهم بأن الرسول A يموت كما مات النبيون من قبله ليغتنموا الانتفاع به في حياته ويحرصوا على ملازمة مجلسه ومنها أن لا يختلفوا في موته كما اختلفت الأمم في غيره ومنها تعليم المسلمين أن الله سوى في الموت بين الخلق دون رعي لتفاضلهم في الحياة لتكثر السلوة وثقل الحسرة .
فجملتا ( إنك ميت وإنهم ميتون ) استئناف وعطف عليهما ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) بحرف ( ثم ) الدال على الترتيب الرتبي لأن الإنباء بالفصل بينهم يوم القيامة أهم في هذا المقام من الإنباء بأنهم صائرون إلى الموت .
والخطاب للنبي A وهو خبر مستعمل في التعريض بالمشركين إذ كانوا يقولون " نتربص به ريب المنون " والمعنى : أن الموت يأتيك ويأتيهم فما يدري القائلون " نتربص به ريب المنون " أن يكونوا يموتون قبلك وكذلك كان فقد رأى رسول الله A مصارع أشد أعدائه في قليب بدر قال عبد الله بن مسعود : دعا رسول الله على أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة بن الوليد فوالذي نفسي بيده لقد رأيت الذين عدهم رسول الله صرعى في القليب قليب بدر . وضمير الغيبة في ( وإنهم ميتون ) للمشركين المتحدث عنهم وأما المؤمنون فلا غرض هنا للإخبار بأنهم ميتون كما هو بين من تفسير الآية .
وتأكيد الخبرين ب ( إن ) لتحقيق معنى التعريضي المقصود منها