وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومنهم من لم يسلم روي عن محمد بن كعب القرظي قال " أخبرت أن عتبة ابن ربيعة كلم النبي A في كفه عن سب أصنامهم وتضليلهم وعرض عليه أمورا النبي A يسمع فلما فرغ قال له النبي A : اسمع ما أقول وقرأ عليه ( حم فصلت ) حتى بلغ قوله ( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ) فأمسك عتبة على فم النبي A وناشده الرحم أن يكف " أي عن القراءة " .
وأما المؤمن فلا تزال روعته وهيبته إياه مع تلاوته توليه انجذابا وتكسبه هشاشة لميل قلبه إليه قال تعالى ( تقشعر منه جلود الذين ييخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) .
الجهة الثانية في جهات هذا الوصف : لين قلوب المؤمنين عند سماعه أيضا عقب وجلها العارض من سماعه قبل .
واللين : مستعار للقبول والسرور وهو ضد للقساوة التي في قوله ( فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ) فإن المؤمن إذا سمع آيات الوعيد والتهديد يخشى ربه ويتجنب ما حذر منه فيقشعر جلده فإذا عقب ذلك بآيات البشارة والوعد استبشر وفرح وعرض أعماله على تلك الآيات فرأى نفسه متحلية بالعمل الذي وعد الله عليه بالثواب فاطمأنت نفسه وأنقلب الوجل والخوف رجاء وترقبا فذلك معنى لين القلوب .
A E وإنما يبعث هذا اللين في القلوب ما في القرآن من معاني الرحمة وذلك في الآيات الموصوفة معانيها بالسهولة نحو قوله تعالى ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) والموصوفة معانيها بالرقة نحو ( يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ) وقد علم في فن الخطابة أن للجزالة مقاماتها وللسهولة والرقة مقاماتها .
الجهة الثالثة من جهات هذا الوصف : أعجوبة جمعه بين التأثيرين المتضادين : مرة بتأثير الرهبة ومرة بتأثير الرغبة ليكون المسلمون في معاملة ربهم جارين على ما يقتضيه جلاله وما يقتضيه حلمه ورحمته . وهذه الجهة اقتضاها الجمع بين الجهتين المصرح بهما وهما جهة القشعريرة وجهة اللين مع كون الموصوف بالأمرين فريقا واحدا وهم الذين يخشون ربهم والمقصود وصفهم بالتأثرين عند تعاقب آيات الرحمة بعد آيات الرهبة . قال الفخر : إن المحققين من أهل الكمال قالوا : " السائرون في مبدأ جلال الله إن نظروا إلى عالم الجلال طاشوا وإن لاح لهم أثر من عالم الجمال عاشوا " اه . فالآية هنا ذكرت لهم الحالتين لوقوعها بعد قوله ( مثاني ) كما أشرنا إليه آنفا وإلا فقد اقتصر على وصف حال المؤمنين بالوجل في قوله تعالى ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) في سورة الأنفال فالمقام هنا لبيان تأثير المؤمنين بالقرآن والمقام هنالك للثناء على المؤمنين بالخشية من اله في غير حالة قراءة القرآن .
وإنما جمع بين الجلود والقلوب في قوله تعالى ( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) ولم يكتف بأحد الأمرين عن الآخر كما اكتفي في قوله ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ) لأن اقشعرار الجلود حالة طارئة عليها لا يكون إلا من وجل القلوب وروعتها فكني به عن تلك الروعة .
وأما لين الجلود عقب تلك القشعريرة فهو رجوع الجلود إلى حالتها السابقة قبل اقشعرارها وذلك قد يحصل عن تناس أو تشاغل بعد تلك الروعة فعطف عليه لين القلوب ليعلم أنه لين خاص ناشئ عن اطمئنان القلوب بالذكر كما قال تعالى ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) وليس مجرد رجوع الجلود إلى حالتها التي كانت قبل القشعريرة . ولم يكتف بذكر القلوب عن لين الجلود لأنه قصد أن لين القلوب أفعمها حتى ظهر أثره على ظاهر الجلود .
و ( ذكر الله ) وهو أحسن الحديث وعدل عن ضميره لبعد المعاد وعدل عن إعادة اسمه السابق لمدحه بأنه ذكر من الله بعد أن مدح بأنه أحسن الحديث . والمراد ب ( ذكر الله ) ما في آياته من ذكر الرحمة والبشارة وذلك أن القرآن ما ذكر موعظة وترهيبا إلا أعقبه بترغيب وبشارة .
وعدي فعل ( تلين ) بحرف ( إلى ) لتضمين ( تلين ) معنى : تطمئن وتسكن .
( ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد [ 23 ] )