وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد عد عياض في كتاب الشفاء من وجوه إعجاز القرآن : أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة وترديده يوجب له محبة لا يزال غضا طريا وغيره من الكلام ولو بلغ من الحسن والبلاغة مبلغا عظيما يمل مع الترديد ويعادى إذا أعيد ولذا وصف رسول الله A القرآن " بأنه لا يخلق على كثرة الرد " . رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب مرفوعا .
وذكر عياض أن الوليد بن المغيرة سمع من النبي A ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) الآية فقال " والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة " .
وبهذا تعلم أن وصف القرآن هنا بكونه مثاني هو غير الوصف الذي في قوله ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني ) لاختلاف ما أريد فيه بالتثنية وإن كان اشتقاق الوصف متحدا .
ووصف ( كتابا ) وهو مفرد بوصف ( مثاني ) وهو مقتض التعدد يعين أن هذا الوصف جرى عليه باعتبار أجزائه أي سوره أو آياته باعتبار أن كل غرض منه يكرر أي باعتبار تباعيضه .
الصفة الخامسة : أنه تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم وهذا الوصف مرتب على الوصف قبله وهو كون القرآن مثاني أي مثنى الأغراض وهو مشتمل على ثلاث جهات : A E أولاها : وصف القرآن بالجلالة والروعة في قلوب سامعيه وذلك لما في آياته الكثيرة من الموعظة التي توجل مكنها القلوب وهو وصف كمال لأنه من آثار قوة تأثير كلامه في النفوس ولم يزل شان أهل الخطابة والحكمة الحرص على تحصيل المقصود من كلامهم لأن الكلام إنما يواجه به السامعون لحصول فوائد مرجوة من العمل به وما تبارى الخطباء والبلغاء في ميادين القول إلا للتسابق إلى غايات الإقناع كما قال قيس بن خارجة وقد قيل له : ما عندك ؟ " عندي قرى كل نازل ورضى كل ساخط وخطبة من لدن تطلع الشمس إلى أن تغرب آمر فيها بالتواصل وأنهى عن التقاطع " . وقد ذكر أرسطو في الغرض من الخطابة أنه إثارة الأهواء وقال " إنها انفعالات في النفس تثير فيها حزنا أو مسرة " .
وقد اقتضى قوله ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ) أن القرآن يشتمل على معان تقشعر منها الجلود وهي المعان الموسومة بالجزالة التي تثير في النفوس روعة وجلالة ورهبة تبعث على امتثال السامعين له وعملهم بما يتلقونه من قوارع القرآن وزواجره وكني عن ذلك بحالة تقارن انفعال الخشية والرهبة في النفس لأن الإنسان إذا ارتاع وخشي اقشعر جلده من أثر الانفعال الرهبني فمعنى " تقشعر منه " تقشعر من سماعه وفهمه فإن السماع والفهم يومئذ متقارنان لأن السامعين أهل اللسان . يقال : اقشعر الجلد إذا تقبض تقبضا شديدا كالذي يحصل عند شدة برد الجسد ورعدته . يقال : اقشعر جلده إذا سمع أو رأى ما يثير انزعاجه وروعة فاقشعرار الجلود كناية عن وجل القلوب الذي تلزمه قشعريرة في الجلد غالبا .
وقد عد عياض في الشفاء من وجوه إعجاز القرآن : الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعه والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته لعلو مرتبته على كل كلام من شأنه أن يهابه سامعه قال تعال ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) .
وعن أسماء بنت أبي بكر كان أصحاب النبي A إذا قرأ عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم .
وخص القشعريرة بالذين يخشون ربهم باعتبار ما سيردف به من قوله ( ثم تلين جلودهم ) كما يأتي قال عياض " وهي أي الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعه على المكذبين به أعظم حتى كانوا يستثقلون سماعه كما قال تعالى ( وإذا ذكرت ربك بالقرآن وحده ولو على أدبارهم نفورا ) .
وهذه الروعة قد اعترت جماعة قبل الإسلام فمنهم من أسلم لها لأول وهلة . حكي في الحديث الصحيح عن جبير بن مطعم قال " سمعت رسول الله A يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ قوله تعالى ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ) إلى قوله ( المصيطرون ) كاد قلبي أن يطير وذلك أول ما وقر الإسلام في قلبي "