وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الوصف الثاني : أنه كتاب أي مجموع كلام مراد قراءته وتلاوته والاستفادة منه مأمور بكتابته ليبقى حجة على مر الزمان فإن جعل الكلام كتابا يقتضي أهمية ذلك الكلام والعناية بتنسيقه والاهتمام بحفظه على حالته .
ولما سمي الله القرآن كتابا كان رسول الله A يأمر كتاب الوحي من أصحابه أن يكتبوا كل آية تنزل من الوحي في الموضع المعين لها بين أخواتها استنادا إلى أمر من الله لأن الله أشار إلى الأمر بكتابته في مواضع كثيرة من أولها قوله ( إنه لقرآن مجيد في لوح محفوظ ) وقوله ( إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون ) .
الصفة الثالثة : أنه متشابه أي متشابهة أجزاؤه متماثلة في فصاحة ألفاظها وشرف معانيها فهي متكافئة في الشرف والحسن " وهذا كما قالوا : امرأة متناصفة الحسن أي أنصفت صفاتها بعضها بعضا فلم يزد بعضها على بعض قال ابن هرمة : .
إني غرضت إلى تناصف وجهها ... غرض المحب إلى الحبيب الغائب ومنه : قولهم وجه مقسم أي متماثل الحسن كأن أجزاءه تقاسمت الحسن وتعادلته قال أرقم بن علباء اليشكري : .
ويوما توافينا بوجه مقسم ... كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم أي بوجه قسم الحسن على أجزاءه أقساما .
A E فمعانيه متشابهة في صحتها وأحكامها وابتنائها على الحق والصدق ومصادفة المحز من الحجة وتبكيت الخصوم وكونها صلاحا للناس وهدى . وألفاظه متماثلة في الشرف والفصاحة والإصابة للأغراض من المعاني بحيث تبلغ ألفاظه ومعانيه أقصى ما تحتمله أشرف لغة للبشر وهي اللغة العربية مفردات ونظما وبذلك كان معجزا لكل بليغ على أن يأتي بمثله وفي هذا إشارة إلى أن جميع آيات القرآن بالغ الطرف الأعلى من البلاغة وأنها متساوية في ذلك بحسب ما يقتضيه حال كل آية منها وأما تفاوتها في كثرة الخصوصيات وقلتها فذلك تابع لاختلاف المقامات ومقتضيات الأحوال فإن بلاغة الكلام مطابقته لمقتضى الحال والطرف الأعلى من البلاغة هو مطابقة الكلام لجميع ما يقتضيه الحال فآيات القرآن متماثلة متشابهة في الحسن لدى أهل الذوق من البلغاء بالسليقة أو بالعلم وهو في هذا مخالف لغيره من الكلام البليغ فإن ذلك لا يخلو عن تفاوت ربما بلغ بعضه مبلغ أن لا يشبه بقيته وهذا المعنى مما يدخل في قوله تعالى ( أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) فالكاتب البليغ والشاعر المجيد لا يخلو كلام أحد منهما من ضعف في بعضه وأيضا لا تتشابه أقوال أحد منهما بل تجد لكل منهما قطعا متفاوتة في الحسن والبلاغة وصحة المعاني . وبما قررنا تعلم أن المتشابه هنا مراد به معنى غير المراد في قوله تعالى ( وأخر متشابهات ) لاختلاف ما فيه من التشابه .
الصفة الرابعة : كونه مثاني ومثاني : جمع مثنى بضم الميم وبتشديد النون جمعا على غير قياس أو اسم جمع . ويجوز كونه جمع مثنى بفتح الميم وتخفيف النون وهو اسم لجعل المعدود أزواجا اثنين اثنين وكلا الاحتمالين يطلق على معنى التكرير . كني عن معنى التكرير بمادة التثنية لأن التثنية أول مراتب التكرير كما كني بصيغة التثنية عن التكرير في قوله تعالى ( ثم ارجع البصر كرتين ) وقول العرب : لبيك وسعديك أي إجابات كثيرة ومساعدات كثيرة .
وقد تقدم بيان معنى ( مثاني ) في قوله تعالى ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني ) في سورة الحجر فالقرآن مثاني لأنه مكرر الأغراض .
وهذا يتضمن امتنانا على الأمة بأن أغراض كتابها مكررة فيه لتكون مقاصده أرسخ في نفوسها وليسمعها من فاته سماع أمثالها من قبل .
ويتضمن أيضا تنبيها على ناحية من نواحي إعجازه وهي عدم الملل من سماعه وأنه كلما تكرر غرض من أغراضه زاده تكرره قبولا وحلاوة في نفوس السامعين . فكأنه الوجه الحسن الذي قال في مثله أبو نواس : .
يزيدك وجهه حسنا ... إذا ما زدته نظرا