وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمبنية : المسموكة الجدران بحجر وجص أو حجر وتراب أو بطوب مشمس ثم توضع عليها السقف وهذا نعت لغرف التي فوقها غرف . ويعلم منه أن الغرف المعتلى عليها مبنية بدلالة الفحوى . وقد تردد المفسرون في وجه وصف الغرف مع أن الغرفة لا تكون إلا من بناء ولم يذهبوا إلى أنه وصف كاشف ولهم العذر في ذلك لقلة جدواه فقيل ذكر المبنية للدلالة على أنها غرف حقيقية لا أشياء مشابهة الغرف فرقا بينهما وبين الظلل التي جعلت للذين خسروا يوم القيامة فإن ظللهم كانت من نار فلا يظن السامع أن غرف المتقين مجاز عن سحابات من الظل أو نحو ذلك لعدم الداعي إلى المجاز هنا بخلافه هنالك لأنه اقتضاه مقام التهكم .
وقال في الشاف : ( مبنية ) مثل المنازل اللاصقة للأرض أي فذكر الوصف تمهيد لقوله ( تجري من تحتها الأنهار ) لأن المعروف أن الأنهار لا تجري إلا تحت المنازل السفلية أي لم يفت الغرف شيء من محاسن المنازل السفلية .
وقيل : أريد أنها مهيأة لهم من الآن . فهي موجودة لأن اسم المفعول كاسم الفاعل في اقتضائه الاتصاف بالوصف في زمن الحال فيكون إيماء إلى أن الجنة مخلوقة من الآن .
ويجوز عندي أن يكون الوصف احترازا عن نوع من الغرف تكون نحتا في الحجر في الجبال مثل غرف ثمود ومثل ما يسميه أهل الجنوب التونسي غرفا وهي بيوت منقورة في جبال " مدنين " و " مطماطة " و " تطاوين " وانظر هل تسمى تلك البيوت غرفا في العربية فإن كتب اللغة لم تصف مسمى الغرفة وصفا شافيا .
A E ويجوز أن يكون ( مبنية ) وصفا للغرف باعتبار ما دل عليه لفظها من معنى المبني المعتلي فيكون الوصف دالا على تمكن المعنى الموصوف أي مبنية بناء بالغا الغاية في نوعه كقولهم : ليل أليل وظل ظليل .
وجري الأنهار من تحتها من كمال حسن منظرها للمطل منها . ومعنى ( من تحتها ) أن الأنهار تمر على ما يجاور تحتها كما تقدم في قوله تعالى ( جنات تجري من تحتها الأنهار ) في آل عمران فأطلق اسم ( تحت ) على مجاورة .
ويجوز أن يكون المعنى : تجري من تحت أسسها الأنهار أي تخترق أسسها وتمر فيها وفي ساحاتها وذلك من أحسن ما يرى في الديار كديار دمشق وقصر الحمراء بالأندلس وديار أهل الترف في مدينة فاس فيكون إطلاق ( تحت ) حقيقة .
والمعنى : أن كل غرفة منها يجري تحتها نهر فهو من مقابلة الجمع ليقسم على الآحاد وذلك بأن يصعد الماء إلى كل غرفة فيجري تحتها .
و ( وعد الله ) مصدر منصوب على أنه مفعول مطلق مؤكد لنفسه لأن قوله ( لهم غرف ) في معنى : وعدهم الله غرفا وعدا منه . ويجوز انتصابه على الحال من ( غرف ) على حد قوله ( وعدا علينا ) وإضافة ( وعد ) إلى اسم الجلالة مؤذنة بأنه وعد موفى به فوقعت جملة ( لا يخلف الله الميعاد ) بيانا لمعنى ( وعد الله ) .
والميعاد : مصدر ميمي بمعنى الوعد .
( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب [ 21 ] ) استئناف ابتدائي انتقل به إلى غرض التنويه بالقرآن وما أحتوى عليه من هدى الإسلام وهو الغرض الذي ابتدئت به السورة وانثنى الكلام منه إلى الاستطراد بقوله تعالى ( فاعبد الله مخلصا له الدين ) إلى هنا فهذا تمهيد لقوله ( أفمن شرح الله صدره للإسلام ) إلى قوله ( ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ) فمثلت حالة إنزال القرآن واهتداء المؤمنين به والوعد بنماء ذلك الاهتداء بحالة إنزال المطر ونبات الزرع به واكتماله .
وهذا التمثيل قابل لتجزئة أجزائه على أجزاء الحالة المشبه به : فإنزال الماء من السماء تشبيه لإنزال القرآن لإحياء القلوب وإسلاك الماء ينابيع في الأرض تشبيه لتبليغ القرآن للناس وإخراج الزرع المختلف الألوان تشبيه لحال اختلاف الناس من طيب وغيره ونافع وضار وهياج الزرع تشبيه لتكاثر المؤمنين بين المشركين . وأما قوله تعالى ( ثم يجعله حطاما ) فهو إدماج للتذكير بحالة الممات واستواء الناس فيها من نافع وضار . وفي تعقيب هذا بقوله ( أفمن شرح الله صدره للإسلام ) إلى قوله ( ومن يظلل الله فما له من هاد ) إشارة إلى العبرة من هذا التمثيل