وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد اشتملت هذه الآية على نكت بديعة من الإعجاز إذا أفادت أن هذا الفريق من أهل الشرك الذين يكمن الكفر في قلوبهم حقت عليهم كلمة الله بتعذيبهم فهم لا يؤمنون وأن حالهم الآن كحال من وقع في النار فهو هالك لا محالة وحال النبي A في حرصه على هديهم كحال من رأى ساقطا في النار فاندفع بدافع الشفقة إلى محاولة إنقاذه ولكنه لا يستطيع ذلك فلذلك أنكرت شدة حرصه على تخليصهم فكان إيداع هذا المعنى في جملتين نهاية في الإيجاز مع قرنه بما دل عليه تأكيد الهمزة والفاء في الجملة الثانية من الإطناب في مقام الصراحة .
ثم بما أودع في هاتين الجملتين من الاستعارة التمثيلية العجيبة بطريق المكنية ومن الاستعارة المصرحة في قرينة المكنية .
وحاصل نظم هذا التركيب : أفمن حق عليه كلمة العذاب فهو في النار أفأنت تنقذه وتنقذ من في النار .
A E وقد أشار إلى هذه الحالة الممثلة في هذه الآية حديث أبي هريرة أنه سمع النبي A يقول " إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذا الدواب التي تقع في النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها " .
( لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد [ 20 ] ) أعيدت بشارة الذين اجتنبوا الطاغوت تفصيلا للإجمال الواقع من قبل .
وافتتح الإخبار عنهم بحرف الاستدراك لزيادة تقرير الفارق بين حال المؤمنين وحال المشركين والمضادة بينهما فحرف الاستدراك هنا لمجرد الإشعار بتضاد الحالين ليعلم السامع أنه سيتلقى حكما مخالفا لما سبق كما تقدم في قوله تعالى ( ولكن انظر إلى الجبل ) في سورة الأعراف وقوله ( ولكن كره الله انبعاثهم ) في سورة براءة فحصل في قضية الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت تقرير على تقرير ابتدئ في الإشارتين في قوله ( أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ) ثم بما أعقب من تفريع حال أضدادهم على ذكر أحوالهم ثم بالاستدراك الفارق بين حالهم وحال أضدادهم .
والمراد بالذين اتقوا ربهم : هم الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت وأنابوا إلى الله واتبعوا أحسن القول واهتدوا بهدي الله وكانوا أولي ألباب فعدل عن الإتيان بضميرهم هنا إلى الموصول لقصد مدحهم بمدلول الصلة وللإيماء إلى أن الصلة سبب للحكم المحكوم به على الموصول وهو نوالهم الغرف .
وعدل عن اسم الجلالة إلى وصف الرب المضاف إلى ضمير المتقين لما في تلك الإضافة من تشريفهم برضى ربهم عنهم .
واللام في ( لهم ) للاختصاص . والمعنى : أنها لهم في الجنة أي أعدت لهم في الجنة .
والغرف : جمع غرفة بضم الغين وسكون الراء وهي البيت المرتكز على بيت آخر ويقال لها العلية " بضم العين وكسرها وبكسر اللام مشددة والتحتية كذلك " وتقدمت الغرفة في آخر سورة الفرقان .
ومعنى ( من فوقها غرف ) أنها موصوفة باعتلاء غرف عليها وكل ذلك داخل في حيز لام الاختصاص فالغرف التي فوق الغرف هي لهم أيضا لأن ما فوق البناء تابع له وهو المسمى بالهواء في اصطلاح الفقهاء . فالمعنى : لهم أطباق من الغرف وذلك مقابل ما جعل لأهل النار في قوله ( لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ) .
وخولف بين الحالتين : فجعل للمتقين غرف موصوفة بأنها فوقها غرف وجعلت للمشركين ظلل من النار وعطف عليها أن من تحتهم ظللا للإشارة إلى أن المتقين متنعمون بالتنقل في تلك الغرف وإلى أن المشركين محبوسون في مكانهم وأن الظلل من النار من فوقهم ومن تحتهم لتتظاهر الظلل بتوجيه لفح النار إليه من جميع جهاتهم