وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما أفاد الحصر الحصر في قوله ( لهم البشرى ) والحصران اللذان في قوله ( أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ) أن من سواهم وهم المشركون لا بشرى لهم ولم يهدهم الله ولا ألباب لهم لعدم انتفاعهم بعقولهم وكان حاصل ذلك أن المشركين محرومون من حسن العاقبة بالنعيم الخالد لحرمانهم من الطاعة التي هي سببه فرع على ذلك استفهام إنكاري مفيد التنبيه على انتفاء الطماعية في هداية الفريق الذي حقت عليه كلمة العذاب وهم الذين قصد إقصائهم عن البشرى والهداية والانتفاع بعقولهم بالقصر المصوغة عليه صيغ القصر الثلاث المتقدمة كما أشرنا إليه .
A E وقد جاء نظم الكلام على طريقة مبتكرة في الخبر المهتم به بأن يؤكد مضمونه الثابت للخبر عنه بإثبات نقيض أو ضد ذلك المضمون لضد المخبر عنه ليتقرر مضمون الخبر مرتين مرة بأصله ومرة بنقيضه أو ضده لضد المخبر عنه كقوله تعالى ( هذا وأن للطاغين لشر مئاب ) عقب قوله ( هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مئاب ) . ويكثر أن يقع ذلك بعد الإتيان باسم الإشارة للخبر المتقدم كما في الآية المذكورة أو للمخبر عنه كما في هذه السورة في قوله آنفا ( أولئك الذين هداهم الله ) فإنه بعد أن أشير إلى الموصوفين مرتين فرع عليه بعده إثبات ضد حكمهم لمن هم متصفون بضد حالهم .
وبهذا يظهر حسن موقع الفاء لتفريع هذه الجملة على جملة ( أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ) لأن التفريع يقتضي اتصالا وارتباطا بين المفرع والمفرع عليه وذلك كالتفريع في قول لبيد : .
أفتلك أم وحشية مسبوعة ... خذلت وهادية الصوار قوامها إذ فرع تشبيها على تشبيه لاختلاف المشبه بهما .
وكلمة ( العذاب ) كلام وعيد الله إياهم بالعذاب في الآخرة .
ومعنى ( حق ) تحققت في الواقع أي كانت كلمة العذاب المتوعد بها حقا غير كذب فمعنى ( حق ) هنا تحقق وحق كلمة العذاب عليهم ضد هدي الله الآخرين وكونهم في النار ضد كون الآخرين لهم البشرى وترتيب المتضادين جرى على طريقة شبه اللف والنشر المعكوس نظير قوله تعالى ( إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم ) إلى قوله ( ولهم عذاب عظيم ) بعد قوله ( والذين يؤمنون بما أنزل إليك ) إلى قوله ( أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ) فإن قوله ( ختم الله على قلوبهم ) ضد لقوله ( أولئك على هدى من ربهم ) وقوله ( ولهم عذاب عظيم ) ضد قوله ( وأولئك هم المفلحون ) .
و ( من ) من قوله تعالى ( أفمن حق عليه كلمة العذاب ) روي عن ابن عباس أن المراد بها أبو لهب وولده ومن تخلف عن الإيمان من عشيرة النبي A فيكون ( من ) مبتدأ حذف خبره . والتقدير : تنقذه من النار كما دل عليه ما بعده وتكون جملة ( أفأنت تنقذ من في النار ) تذييلا أي أنت لا تنقذ الذين في النار .
والهمزة للاستفهام الإنكاري والهمزة الثانية كذلك . وإحداهما تأكيد للأخرى التي قبلها للاهتمام بشأن هذا الاستفهام الإنكاري على نحو تكرير ( أن ) في قول قس بن ساعدة : .
لقد علم الحي اليمانون أنني ... إذ قلت : أما بعد أني خطيبها والذي درج عليه صاحب الكشاف وتبعه شارحوه أن ( من ) في قوله ( أفمن حق عليه كلمة العذاب ) شرطية بناء على أن الفاء في قوله ( أفانت تنقذ من في النار ) يحسن أن تكون لمعنى غير معنى التفريع المستفاد من التي قبلها وإلا كانت مؤكدة للأولى وذلك ينقص معنى من الآية .
ويجوز أن تكون ( من ) الأولى موصولة مبتدأ وخبره ( أفأنت تنقذ من في النار ) وتكون الفاء في قوله ( أفأنت تنقذ من في النار ) مؤكدة للفاء الأولى في قوله ( أفمن حق ) الخ فتكون الهمزة والفاء معا مؤكدتين للهمزة الأولى والفاء التي معها لاتصالهما ولأن جملة ( أفأنت تنقذ ) صادقة على ما صدقت عليه جملة ( أفمن حق عليه كلمة العذاب ) ويكون الاستفهام الإنكاري جاريا على غالب استعماله من توجهه إلى كلام لا شرط فيه