وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وحقا فإن إخبار النبي بذلك إذا حمل على صريحه إنما يناسب توجيهه إلى المشركين الذين يبتغون صرفه عن ذلك .
ويجوز أن يكون موجها إلى المسلمين الذين أذن الله لهم بالهجرة إلى الحبشة على أنه توجيه لبقائه بمكة لا يهاجر معهم لأن الإذن لهم بالهجرة للأمن على دينهم من الفتن فلعلهم ترقبوا أن يهاجر الرسول A معهم إلى الحبشة فآذنهم الرسول A بأن الله أمره أن يعبد الله مخلصا له الدين أي أن يوحده في مكة فتكون الآية ناظرة إلى قوله تعالى ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين ) أي أن الله أمره بأن يقيم على التبليغ بمكة فإنه لو هاجر إلى الحبشة لانقطعت الدعوة وإنما كانت هجرتهم إلى الحبشة رخصة لهم إذ ضعفوا عن دفاع المشركين عن دينهم ولم يرخص ذلك للنبي A .
A E وقد جاء قريب من هذه الآية بعد ذكر أن حياة الرسول A ومماته لله أي فلا يفرق من الموت في سبيل الدين وذلك قوله تعالى في سورة الأنعام ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) .
فكان قوله ( لأن أكون أول المسلمين ) علة ل ( أعبد الله مخلصا له الدين ) فالتقدير : وأمرت بذلك لأن أكون أول المسلمين فمتعلق ( أمرت ) محذوف لدلالة قوله ( أن أعبد الله مخلصا له الدين ) عليه .
ف ( أول ) هنا مستعمل في مجازه فقط إذ ليس المقصود من الأولية مجرد السبق في الزمان فإن ذلك حصل فلا جدوى في الإخبار به وإنما المقصود أنه مأمور بأن يكون أقوى المسلمين إسلاما بحيث أن ما يقوم به الرسول A من أمور الإسلام أعظم مما يقوم به كل مسلم كما قال ( إني لأتقاكم لله وأعلمكم به ) .
وعطف ( وأمرت ) الثاني على ( أمرت ) الأول للتنويه بهذا الأمر الثاني ولأنه غاير الأمر الأول بضميمة قيد التعليل فصار ذكر الأمر الأول لبيان المأمور وذكر الأمر الثاني لبيان المأمور لأجله ليشير إلى أنه أمر بأمرين عظيمين : أحدهما يشاركه فيه غيره وهو أن يعبد الله مخلصا له الدين والثاني يختص به وهو أن يعبده كذلك ليكون بعبادته أول المسلمين أي أمره الله بأن يبلغ الغاية القصوى في عبادة الله مخلصا له الدين فجعل وجوده متمحضا للإخلاص على أي حال كان كما قال في الآية الأخرى ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) .
واعلم أنه لما كان الإسلام هو دين الأنبياء في خاصتهم كما تقدم عند قوله تعالى ( فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) في سورة البقرة ونظائرها كثيرة كانت في هذه الآية دلالة على أن محمدا A أفضل الرسل لشمول لفظ المسلمين للرسل السابقين .
( قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم [ 13 ] ) هذا القول متعين لأن يكون الرسول A مأمورا بأن يواجه به المشركين الذين كانوا يحاولون النبي A أن يترك الدعوة وأن يتابع دينهم . وهما أحد الشقين اللذين وجه الخطاب السابق إليهما وتعيين كل لما وجه إليه منطو بقرينة السياق وقرينة ما بعده من قوله ( فاعبدوا ما شئتم من دونه ) .
وإعادة الأمر بالقول على هذا للتأكيد اهتماما بهذا المقول وأما على الوجه الثاني من الوجهين المتقدمين في المراد من توجيه المطلب في قوله ( إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين ) الآية فتكون إعادة فعل ( قل ) لأجل اختلاف المقصودين بتوجيه القول إليهم ن وقد تقدم قول مقاتل : قال كفار قريش للنبي : ما يحملك على هذا الدين الذي أتيتنا به ألا تنظر إلى ملة أبيك وجدك وسادات قومك يعبدون اللات والعزى .
( قل الله أعبد مخلصا له ديني [ 14 ] فاعبدوا ما شئتم من دونه ) أمر بأن يعيد التصريح بأنه يعبد الله وحده تأكيدا لقوله ( قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين ) لأهميته وإن كان مفاد الجملتين واحدا لأنهما معا تفيدان أنه لا يعبد إلا الله تعالى باعتبار تقييد ( أعبد الله ) الأول بقيد ( مخلصا له الدين ) وباعتبار تقديم المفعول على ( أعبد ) الثاني فتأكد معنى التوحيد مرتين ليتقرر ثلاث مرات وتمهيدا لقوله ( فاعبدوا ما شئتم من دونه ) وهو المقصود