وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا الأمر تمهيد لما سيوجه إليهم من أمرهم بالهجرة للسلامة من الأذى في دينهم وهو ما عرض به في قوله تعالى ( وأرض الله واسعة ) .
وفي استحضارهم بالموصول وصلته إيماء إلى أن تقرر إيمانهم مما يقتضي التقوى والامتثال للمهاجرة . وجملة ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) وما عطف عليها استئناف بياني لأن إيراد الأمر بالتقوى للمتصفين بها يثير سؤال سائل عن المقصود من ذلك الأمر فأريد بيانه بقوله ( وأرض الله واسعة ) ولكن جعل قوله ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) تمهيدا له لقصد تعجيل التكافل لهم بموافقة الحسنى في هجرتهم .
ويجوز أن تكون جملة ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) مسوقة مساق التعليل للأمر بالتقوى الواقع بعدها .
A E والمراد بالذين أحسنوا : الذين اتقوا الله وهو المؤمنون الموصوفون بما تقدم من قوله ( أمن هو قانت ) الآية لأن تلك الخصال تدل على الإحسان المفسر بقول النبي A " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " فعدل عن التعبير بضمير الخطاب بأن يقال : لكم في الدنيا حسنة إلى الإتيان باسم الموصول الظاهر وهو ( الذين احسنوا ) ليشمل المخاطبين وغيرهم ممن ثبتت له هذه الصلة . وذلك في معنى : اتقوا ربكم لتكونوا محسنين فإن للذين أحسنوا حسنة عظيمة فكونوا منهم .
وتقديم المسند في ( للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة ) للاهتمام بالمحسن إليهم وأنهم أحرياء بالإحسان .
والمراد بالحسنة الحالة الحسنة واستغني بالوصف عن الموصوف على حد قوله ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ) . وقوله في عكسه ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) . وتوسيط قوله ( في هذه الدنيا ) بين ( للذين أحسنوا ) وبين ( حسنة ) نظم مما اختص به القرآن في مواقع الكلم لإكثار المعاني التي يسمح بها النظم وهذا من طرق إعجاز القرآن .
فيجوز أن يكون قوله ( في هذه الدنيا ) حالا من ( حسنة ) قدم على صاحب الحال للتنبيه من أول الكلام على أنها جزاؤهم في الدنيا لقلة خطور ذلك في بالهم ضمن الله لهم تعجيل الجزاء الحسن في الدنيا قبل ثواب الآخرة على نحو ما أثنى على من يقول ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ) . وقد جاء في نظير هذه الجملة في سورة النحل قوله ( ولدار الآخرة خير ) أي خير من أمور الدنيا ويكون الاقتصار على حسنة الدنيا في هذه الآية لأنها مسوقة لتثبيت المسلمين على ما يلاقونه من الأذى ولأمرهم بالهجرة عن دار الشرك والفتنة في الدين فأما ثواب الآخرة فأمر مقرر عندهم من قبل ومومى إليه بقوله بعده ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) أي يوفون أجرهم في الآخرة . قال السدي : الحسنة في الدنيا الصحة والعافية . ويجوز أن يكون في قوله ( في الدنيا ) متعلقا بفعل ( أحسنوا ) على أنه ظرف لغوي أي فعلوا الحسنات في الدنيا فيكون المقصود التنبيه على المبادرة بالحسنات في الحياة الدنيا قبل الفوات والتنبيه على عدم التقصير في ذلك .
وتنوين ( حسنة ) للتعظيم وهو بالنسبة لحسنة الآخرة للتعظيم الذاتي وبالنسبة لحسنة الدنيا تعظيم وصفي أي حسنة أعظم من المتعارف وأياما كان فاسم الإشارة في قوله ( في هذه الدنيا ) لتمييز المشار إليه وإحضاره في الأذهان . وعليه فالمراد ب ( حسنة ) يحتمل حسنة الآخرة ويحتمل حسنة الدنيا كما في قوله تعالى ( ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ) في سورة البقرة . وقد تقدم نظير هذه الآية في سورة النحل قوله تعالى ( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ) فألحق بها ما قرر هنا .
وعطف عليه ( وأرض الله واسعة ) عطف المقصود على التوطئة . وهو خبر مستعمل في التعريض بالحث على الهجرة في الأرض فرارا بدينهم من الفتن بقرينة أن كون الأرض واسعة أمر معلوم لا يتعلق الغرض بإفادته وإنما كني به عن لازم معناه كما قال إياس بن قبيصة الطائي : .
ألم تر أن الأرض رحب فسيحة ... فهل تعجزني بقعة من بقاعها والوجه أن تكون جملة ( وأرض الله واسعة ) معترضة والواو اعتراضية لأن تلك الجملة جرت مجرى المثل