وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأما الذين رأوا الاتحاد بين معاني الإرادة والمشيئة والرضى وهو قول كثير من أصحاب الأشعري وجميع الماتريدية فسلكوا في تأويل الآية محمل لفظ ( لعباده ) على العام المخصوص أي لعباده المؤمنين واستأنسوا لهذا المحمل بأنه الجاري على غالب استعمال القرآن في لفظة العباد لاسم الله أو ضميره كقوله ( عينا يشرب بها عباد الله ) قالوا : فمن كفر فقد أراد الله كفره ومن آمن فقد أراد الله إيمانه والتزم كلا الفريقين الأشاعرة والماتريدية أصله في تعلق إرادة الله وقدرته بأفعال العباد الاختيارية المسمى بالكسب ولم يختلفا إلا في نسبة الأفعال للعباد : أهي حقيقية أم مجازية وقد عد الخلاف في تشبيه الأفعال بين الفريقين لفظيا .
ومن العجيب تهويل الزمخشري بهذا القول إذ يقول : ( ولقد تمحل بعض الغواة ليثبت الله ما نفاه عن ذاته من الرضى بالكفر فقال : هذا من العام الذي أريد به الخاص الخ ) فكان آخر كلامه ردا لأوله وهل يعد التأويل تضليلا أم هل يعد العام المخصوص بالدليل من النادر القليل .
وأما المعتزلة فهم بمعزل عن ذلك كله لأنهم يثبتون القدرة للعباد على أفعالهم وأن أفعال العباد غير مقدورة لله تعالى ويحملون ما ورد في الكتاب من نسبة أفعال من أفعال العباد إلى الله أو إلى قدرته أنه على معنى أنه خالق أصولها وأسبابها ويحملون ما ورد من نفي ذلك كما في قوله ( ولا يرضى لعباده الكفر ) على حقيقته ولذلك أوردوا هذه الآية للاحتجاج بها . وقد أوردها إمام الحرمين في الإرشاد في فصل حشر فيه ما استدل به المعتزلة من ظواهر الكتاب .
وقوله ( وإن تشكروا يرضه لكم ) عطف على جملة ( إن تكفروا ) والمعنى : وإن تشكروا بعد هذه الموعظة فتعلقوا عن الكفر وتشكروا الله بالاعتراف له بالوحدانية والتنزيه يرض لكم الشكر أي يجازيكم بلوازم الرضى . والشكر يتقوم من اعتقاد وقول وعمل جزاء على نعمة حاصلة للشاكر من المشكور .
والضمير المنصوب في قوله ( يرضه ) عائد إلى المتصيد من أفعال إن تشكروا .
( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) كأن موقع هذه الآية أنه لما ذكر قبلها أن في المخاطبين كافرا وشاكرا وهم في بلد واحد بينهم وشائج القرابة والولاء فربما تحرج المؤمنين من أن يمسهم إثم من جراء كفر أقربائهم وأوليائهم أو أنهم خشوا أن يصيب الله الكافرين بعذاب في الدنيا فيلحق منه القاطنين معهم بمكة فأنبأهم الله بأن كفر أولئك لا ينقص إيمان هؤلاء وأراد اطمئنانهم أنفسهم .
وأصل الوزر بكر الواو : الثقل وأطلق على الإثم لأنه يلحق صاحبه تعب كتعب حامل الثقل . ويقال : وزر بمعنى حمل الوزر بمعنى كسب الإثم .
وتأنيث ( وازرة ) و ( أخرى ) باعتبار إرادة معنى النفس في قوله ( واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ) .
والمعنى : لا تحمل نفس وزر نفس أخرى أي لا تغني نفس عن نفس شيئا من إثمها فلا تطمع نفس بإعانة ذويها وأقربائها وكذلك لا تخشى نفس صالحة أن تؤاخذ بتبعة نفس أخرى من ذويها أو قرابتها . وفي هذا تعريض بالمتاركة وقطع اللجاج مع المشركين وأن قصارى المؤمنين أن يرشدوا الضلال لا أن يلجئوهم إلى الإيمان كما تقدم في آخر سورة الأنعام .
( ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور [ 7 ] ) ( ثم ) للترتيبين الرتبي والتراخي أي وأعظم من كون الله غنيا عنكم أنه أعد لكم الجزاء على كفركم وسترجعون إليه وتقدم نظيرها في آخر سورة الأنعام .
وإنما جاء في آية الأنعام ( بما كنتم فيه تختلفون ) لأنها وقعت إثر آيات كثيرة تضمنت الاختلاف بين أحوال المؤمنين وأحوال المشركين ولم يجيء مثل ذلك هنا فلذلك قيل هنا ( بما كنتم تعملون ) أي من كفر من كفر وشكر من شكر .
والإنباء : مستعمل مجازا في الإظهار الحاصل به العلم ويجوز أن يكون مستعملا في حقيقة الإخبار بأن يعلن لهم بواسطة الملائكة أعمالهم والمعنى : أنه يظهر لكم الحق لا مرية فيه أو يخبركم به مباشرة وتقدم بيانه في آخر الأنعام وفيه تعريض بالوعد والوعيد .
وجملة ( إنه عليم بذات الصدور ) تعليل لجملة ( ينبؤكم بما كنتم تعملون ) لأن العليم بذات الصدور لا يغادر شيئا إلا علمه فإذا أنبأ بأعمالهم كان إنباؤه كاملا .
A E