وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والرضى يترتب عليه نفاسة المرضي عند الراضي وتفضيله واختياره فإذا أسند الرضى إلى الله تعالى تعين أن يكون المقصود لازم معناه الحقيقي لأن الله منزه عن الانفعالات كشأن إسناد الأفعال والصفات الدالة في اللغة على الانفعالات مثل : الرحمان والرؤوف وإسناد الغضب والفرح والمحبة فيؤول الرضى بلازمه من الكرامة والعناية والإثابة إن عدي إلى الناس ومن النفاسة والفضل إن عدي إلى أسماء المعاني . وقد فسره صاحب الكشاف بالاختيار في قوله تعالى ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) في سورة العقود .
وفعل الرضى يعدي في الغالب بحرف ( عن ) فتدخل على اسم عين لكن باعتبار معنى فيها هو موجب الرضى . وقد يعدى بالباء فيدخل غالبا على اسم معنى نحو : رضيت بحكم فلان ويدخل على اسم ذات باعتبار معنى يدل عليه تمييز بعده نحو : رضيت بالله ربا أو نحوه مثل ( أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ) أو قرينة مقام كقول قريش في وضع الحجر الأسود : هذا محمد قد رضينا به أي رضينا به حكما إذ هم قد اتفقوا على تحكيم أول داخل .
ويعدى بنفسه ولعله يراعي فيه التضمين أو الحذف والإيصال فيدخل غالبا على اسم معنى نحو : رضيت بحكم فلان بمعنى : أحببت حكمه . وفي هذه الحالة قد يعدى إلى مفعول ثان بواسطة لام الجر نحو : ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) أي رضيته لأجلكم وأحببته لكم أي لأجلكم أي لمنفعتكم وفائدتكم .
وفي هذا التركيب مبالغة في التنويه بالشيء المرضي لدى السامع حتى كأن المتكلم يرضاه لأجل السامع .
فإذا كان قوله ( لعباده ) عاما غير مخصوص وهو من صيغ العموم ثار في الآية إشكال بين المتكلمين في تعلق إرادة الله تعالى بأفعال العباد إذ من الضروري أن من عباد الله كثيرا كافرين وقد أخبر الله تعالى أنه لا يرضى لعباده الكفر وثبت بالدليل أن كل واقع هو مراد الله تعالى إذ لا يقع في ملكه إلا ما يريد فأنتج ذلك بطريقة الشكل الثالث أن يقال : كفر الكافر مراد الله تعالى لقوله تعالى ( ولو شاء ربك ما فعلوه ) ولا شيء من الكفر بمرضي الله تعالى لقوله ( ولا يرضى لعباده الكفر ) ينتج القياس ( بعض ما أراد الله ليس بمرضي له ) .
فتعين أن تكون الإرادة والرضى حقيقتين مختلفتين وأن يكون مختلفتين وأن يكون لفظاهما غير مترادفين ولهذا قال الشيخ أبو الحسن الأشعري إن الإرادة غير الرضى والرضى غير الإرادة والمشيئة فالإرادة والمشيئة بمعنى واحد والرضى والمحبة والاختيار بمعنى واحد وهذا حمل لهذه الألفاظ القرآنية على معان يمكن معها الجمع بين الآيات . قال التفتزاني : وهذا مذهب أهل التحقيق .
وينبني عليها القول في تعلق الصفات الإلهية بأفعال العباد فيكون قوله تعالى ( ولا يرضى لعباده الكفر ) راجعا إلى خطاب التكاليف الشرعية وقوله ( ولو شار ربك ما فعلوه ) راجعا إلى تعلق الإرادة بالإيجاد والخلق . ويتركب من مجموعهما ومجموع نظائر كل منهما الاعتقاد بأن للعباد كسبا في أفعالهم الاختيارية وأن الله تتعلق أرادته بخلق تلك الأفعال الاختيارية عند توجه كسب العبد نحوها فالله خالق لأفعال العبد غير مكتسب لها . والعبد مكتسب غير خالق فإن الكسب عند الأشعري هو الاستطاعة المفسرة عنده بسلامة أسباب الفعل وآلاته وهي واسطة بين القدرة والجبر أي هي دون تعلق القدرة وفوق تسخير الجبر جمعا بين الأدلة الدينية الناطقة بمعنى : أن الله على كل شيء قدير وأنه خالق كل شيء وبين دلالة الضرورة على الفرق بين حركة المرتعش وحركة الماشي وجمعا بين أدلة عموم القدرة وبين توجيه الشريعة خطابها للعباد بالأمر بالإيمان والأعمال الصالحة والنهي عن الكفر والسيئات وترتيب الثواب والعقاب .
A E