وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار [ 4 ] ) موقع هذه الآية موقع الاحتجاج على أن المشركين كاذبون وكفارون في اتخاذهم أولياء من دون الله وفي قولهم ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله ) وأن الله حرمهم الهدى وذلك ما تضمنه قوله قبله ( إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) فقصد إبطال شركهم بإبطال أقواه وهو عدهم في جملة شركائهم شركاء زعموا لهم بنوة الله تعالى حيث قالوا ( اتخذ الله ولدا ) فإن المشركين يزعمون اللات والعزى ومناة بنات الله تعالى ( أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى ) .
قال في الكشاف هنالك " كانوا يقولون : إن الملائكة وهذه الأصنام " يعني هذه الثلاثة " بنات الله " . وذكر البغوي عن الكلبي كان المشركون بمكة يقولون : الأصنام والملائكة بنات الله فخص الاعتقاد بأهل مكة والظاهر أن ذلك لم يقولوه في غير اللات والعزى ومناة لأن أسماءها مؤنثة وإلا فإن في أسماء كثير من أسماء أصنامهم ما هو مذكر نحو ذي الخلصة وذكر في الكشاف عند ذكر البسملة أنهم كانوا يقولون عند الشروع في أعمالهم : باسم اللات باسم العزى .
فالمقصود من هذه الآية إبطال إلهية أصنام المشركين على طريقة المذهب الكلامي .
واعلم أن هذه الآية والآيات بعدها اشتملت على حجج انفراد الله .
ومعنى الآية : لو كان الله متخذا ولدا لأختار من مخلوقاته ما يشاء اختياره أي لاختار ما هو أجدر بالاختيار ولا يختار لبنوته حجارة كما زعمتم لأن شان الاختيار أن يتعلق بالأحسن من الأشياء المختار منها فبطل أن تكون اللات والعزى ومناة بنات الله تعالى وإذا بطل ذلك عنها بطل عن سائر الأصنام بحكم المساواة أو الأحرى فتكون ( لو ) هنا هي الملقبة ( لو ) الصهبية أي التي شرطها مفروض فرضا على أقصى احتمال وهي التي يمثلون لها بالمثل المشهور : " نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه " فكان هذا إبطالا لما تضمنه قوله ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم ) إلى قوله ( كفار ) .
وليس هو إبطالا لمقالة بعض العرب : إن الملائكة بنات الله لأن ذلك لم يكن من عقيدة المشركين بمكة الذين وجه الخطاب إليهم ولا إبطالا لبنوة المسيح عند النصارى لأن ذلك غير معتقد عند المشركين المخاطبين ولا شعور لهم به وليس المقصود محاجة النصارى ولم يتعرض القرآن المكي إلى محاجة النصارى .
واعلم أنه بنى الدليل على قاعدة استحالة الولد على الله تعالى إذ بني القياس الشرطي على فرض اتخاذ الولد لا على فرض التولد فاقتضى أن المراد باتخاذ الولد التبني لأن إبطال التبني بهذا الاستدلال يستلزم إبطال تولد الابن بالأولى .
وعزز المقصود من ذكر فعل الاتخاذ بتعقيبه بفعل الاصطفاء على طريقة مجاراة الخصم المخطئ ليغير في مهواة خطئه أي لو كان لأحد من الله نسبة بنوة لكانت تلك النسبة التبني لا غير إذ لا تتعقل بنوة الله غير التبني ولو كان الله متبنيا لاختار ما هو الأليق بالتبني من مخلوقاته دون الحجارة التي زعمتموها بنات لله . وإذا بطلت بنوة تلك الأصنام الثلاثة المزعومة بطلت إلهية سائر الأصنام الأخرى التي اعترفوا بأنها في مرتبة دون مرتبة اللات والعزى ومناة بطريق الأولى واتفاق الخصمين فقد اقتضى الكلام دليلين : طوي أحدهما وهو دليل استحالة الولد بالمعنى الحقيقي عن الله تعالى وذكر دليل إبطال التبني لما لا يليق أن يتبناه الحكيم .
وهذا وجه تفسير هذه الآية وبيان وقعها مما قبلها وبه تخرج عن نطاق الحيرة التي وقع فيها المفسرون فسلكوا مسالك تعسف في معناها ونظمها وموقعها ولم يتم لأحد منهم وجه الملازمة بين شرط ( لو ) وجوابها وسكت بعضهم عن تفسيرها . فوقع في الكشاف ما يفيد أن المقصود نفي زعم المشركين بنوة الملائكة وجعل جواب ( لو ) محذوفا وجعل المذكور في موضع الجواب إرشادا إلى الاعتقاد الصحيح في الملائكة فقال ( يعني لو أراد الله اتخاذ الولد لامتنع ولم يصح لكونه " أي ذلك الاتخاذ " محالا ولم يتأت إلا أن يصطفى من خلقه بعضه ويختصهم ويقربهم كما يختص الرجل ولده وقد فعل ذلك بالملائكة فغركم اختصاصه إياهم فزعمتم أنهم أولاده جهلا منكم بحقيقته المخالفة لحقائق الأجسام والأغراض ) .
A E