وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمسح حقيقته : إمرار اليد على الشيء لإزالة ما عليه من غبش أو ماء أو غبار وغير ذلك مما لا يراد بقاؤه على الشيء ويكون باليد وبخرقة أو ثوب وقد يطلق المسح مجازا على معان منها : الضرب بالسيف يقال : مسحه بالسيف . ويقال : مسح السيف به . ولعل أصله كناية عن القتل بالسيف لأن السيف يسمح عنه الدم بعد الضرب به .
والسوق : جمع ساق . وقرأه الجمهور بواو ساكنة وبوزن فعل مثل : دار ودور ووزن فعل في جمع مثله قليل . وقرأه قنبل عن ابن كثير وأبو جعفر ( السؤق ) بهمزة ساكنة بعد السين جمع : سأق بهمزة بعد السين وهي لغة في ساق .
والأعناق : جمع عنق وهو الرقبة .
والباء في ( بالسوق ) مزيدة للتأكيد أي تأكيد اتصال الفعل بمفعوله كالتي في قوله تعالى ( وامسحوا برءوسكم ) وفي قول النابغة : .
لك الخير إن وارت بك الأرض واحدا ... وأصبح جد الناس يضلع عاثرا وقد تردد المفسرون في المعنى الذي عني بقوله ( فطفق مسحا بالسوق والأعناق ) فعن ابن عباس والزهري وابن كيسان وقطرب : طفق يمسح أعراف الخيل وسوقها بيده حبا لها . وهذا هو الجاري على المناسب لمقام نبي والأوفق بحقيقة والمسح ولكنه يقتضي إجراء ترتيب الجمل على خلاف مقتضى الظاهر بأن يكون قوله ( ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق ) متصلا بقوله ( إذ عرض عليه بالعشي الصافنات ) أي بعد أن استعرضها وانصرفوا بها لتأوي إلى مذاودها قال : ( ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق ) إكراما لها ولحبها . ويجعل قوله ( فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ) معترضا بينهما وإنما قدم للتعجيل بذكر ندمه على تفريطه في ذكر الله في بعض أوقات ذكره أي أنه لم يستغرق في الذهول بل بادر الذكرى بمجرد فوات وقت الذكر الذي اعتاده إذ لا يناسب أن يكون قوله ( ردوها علي فطفق ) الخ من آثار ندمه وتحسره على هذا التفسير وهذا يفيد أن فوات وقت ذكره نشأ عن ذلك الرد الذي أمر به بقوله ( ردوها علي ) فإنهم اعتادوا أن يعرضوها عليه وينصرفوا وقد بقي ما يكفي من الوقت للذكر فلما حملته بجهته بها على أن أمر بإرجاعها واشتغل بمسح أعناقها وسوقها خرج وقت ذكره فتندم وتحسر .
وعن الحسن وقتادة ومالك بن أنس في رواية ابن وهب والفراء وثعلب : أن سليمان لما ندم على اشتغاله بالخيل حتى أضاع ذكر الله في وقت كان يذكر الله فيه أمر أن ترد عليه الخيل التي شغلته فجعل يعرقب سوقها ويقطع أعناقها لحرمان نفسه منها مع محبته إياها توبة منه وتربية لنفسه . واستشعروا أن هذا فساد في الأرض وإضاعة للمال فأجابوا : بأنه أراد ذبحها ليأكل الفقراء لأن أكل الخيل مباح عندهم وبذلك لم يكن ذبحها فسادا في الأرض .
A E وتجنب بعضهم هذا الوجه وجعل المسح مستعارا للتوسيم بسمة الخيل الموقوفة في سبيل الله بكي نار أو كشط جلد لأن ذلك يزيل الجلدة الرقيقة التي على ظاهر الجلد فشبهت تلك الإزالة بإزالة المسح ما على ظهر الممسوح من ملتصق به وهذا أسلم عن الاعتراض من القول الأول وهو معزو لبعض المفسرين في أحكام القرآن لابن العربي . وقال ابن العربي : إنه وهم . وهذه طريقة جليلة من طرائق تربية النفس ومظاهر كمال التوبة بالنسبة إلى ما كان سببا في الهفوة .
وعلى هذين التأويلين يكون قوله ( فطفق ) تعقيبا على ( ردوها علي ) وعلى محذوف بعده . والتقدير : فردوها عليه فطفق كقوله ( أن اضرب بعصاك البحر فانفلق ) . ويكون قوله ( ردوها علي ) من مقول ( فقال إني أحببت حب الخير ) .
( ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب [ 34 ] قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب [ 35 ] ) قد قلت آنفا عند قوله تعالى ( ووهبنا لداود وسليمان ) إن ما ذكر من مناقب سليمان لم يخل من مقاصد ائتساء وعبرة وتحذير على عادة القرآن في ابتدار وسائل الإرشاد بالترغيب والترهيب فكذلك كانت الآيات المتعلقة بندمه على الاشتغال بالخيل عن ذكر الله موقع إسوة به في مبادرة التوبة وتحذير من الوقوع في مثل غفلته وكذلك جاءت هذه الآيات مشيرة إلى فتنة عرضت لسليمان أعقبتها إنابة ثم أعقبتها إفاضة نعم عظيمة فذكرت عقب ذكر قصة ما ناله من السهو عن عبادته وهو دون الفتنة