وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقرأ أبو جعفر ( لتدبروا ) بتاء الخطاب وتخفيف الدال وأصلها : لتتدبروا فحذفت إحدى التاءين اختصارا والخطاب للنبي صلى الله عليه والسلم ومن معه من المسلمين .
والتذكر : استحضار الذهن ما كان يعلمه وهو صادق باستحضار ما هو منسي وباستحضار ما الشأن أن لا يغفل عنه وهو ما يهم العلم به فجعل القرآن للناس ليتدبروا معانيه ويكشفوا عن غوامضه بقدر الطاقة فإنهم على تعاقب طبقات العلماء به لا يصلون إلى نهاية من مكنونه ولتذكرهم الآية بنظيرها وما يقاربها وليتذكروا ما هو موعظة لهم وموقظ من غفلاتهم .
وضمير ( يدبروا ) على قرأة الجمهور عائد إلى ( أولو الألباب ) على طريقة الإضمار للفعل المهمل عن العمل في التنازع والتقدير : ليدبر أولو الألباب آياته اكتفاء عن وصف المتدبرين بأنهم أولو الألباب لأن التدبر مفض إلى التذكير . والتذكر من آثار التدبر فوصف فاعل أحد الفعلين يغني عن وصف فاعل الفعل الآخر .
وأولو الألباب : أهل العقول وفيه تعريض بأن الذين لم يتذكروا بالقرآن ليسوا من أهل العقول وأن التذكر من شأن المسلمين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه فهم ممن تدبروا آياته فاستنبطوا من المعاني ما لم يعلموا ومن قرأه فتذكر به ما كان علمه وتذكر به حقا كان عليه أن يرعاه والكافرون أعرضوا عن التدبر فلا جرم فاتهم التذكر .
( ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب [ 30 ] ) جعل التخلص إلى مناقب سليمان عليه السلام من جهة أنه من منن الله على داود عليه السلام فكانت قصة سليمان كالتكملة لقصة داود . ولم يكن لحال سليمان عليه السلام شبه بحال محمد صلى الله عليه والسلم فلذلك جزمنا بأن لم يكن ذكر قصته هنا مثالا لحال محمد صلى الله عليه والسلم وبأنها إتمام لما أنعم الله به على داود إذ أعطاه سليمان ابنا بهجة له في حياته وورث ملكه بعد مماته كما أنبأ عنه قوله تعالى ( ووهبنا لداود سليمان ) الآية .
ولهذه النكتة لم تفتتح قصة سليمان بعبارة : واذكر كما افتتحت قصة داود ثم قصة أيوب والقصص بعدها مفصلها ومجملها غير أنها لم تخل من مواضع أسوة وعبرة وتحذير على عادة القرآن من افتراض الإرشاد .
A E ومن حسن المناسبة لذكر موهبة سليمان أنه ولد لداود من المرأة التي عوتب داود لأجل استنزال زوجها أوريا عنها كما تقدم فكانت موهبة سليمان لداود منها مكرمة عظيمة هي أثر مغفرة الله لداود تلك المخالفة التي يقتضي قدره تجنبها وإن كانت مباحة وتحققه لتعقيب الأخبار عن المغفرة له بقوله ( وإن له عندنا لزلفى وحسن مئاب ) فقد Bه فوهب له من تلك الزوجة نبيا وملكا عظيما .
فجملة ( ووهبنا لداود سليمان ) عطف على جملة ( إنا سخرنا الجبال معه ) وما بعدها من الجمل .
وجملة ( نعم العبد ) في موضع الحال من ( سليمان ) وهي ثناء عليه ومدح له من جملة من استحقوا عنوان العبد لله وهو العنوان المقصود منه التقريب بالقرينة كما تقدم في قوله تعالى ( إلا عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم ) في سورة الصافات .
والمخصوم بالمدح محذوف لدلالة ما تقدم عليه وهو قوله ( سليمان ) والتقدير : نعم العبد سليمان .
وجملة ( إنه أواب ) تعليل للثناء عليه ب ( نعم العبد ) . والأواب : مبالغة في الآيب أي كثير الأوب أي الرجوع إلى الله بقرينه أنه مادحه . والمراد من الأوب إلى الله : الأوب إلى أمره ونهيه أي إذا حصل له ما يبعده عن ذلك تذكر فآب أي فتاب وتقدم ذلك آنفا في ذكر داود .
( إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد [ 31 ] فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب [ 32 ] ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق [ 33 ] ) يتعلق ( إذ عرض ) ب ( أواب ) . وتعليق هذا الظرف ب ( أواب ) تعليق تعليل لأن الظروف يراد منها التعليل كثيرا لظهور أن ليس المراد أنه أواب في هذه القصة فقط لأن صيغة أواب تقتضي المبالغة . والأصل منها الكثرة فتعين أن ذكر قصة من حوادث أوبته كان لأنها ينجلي فيها عظم أوبته .
والعرض : الإمرار والإحضار أمام الرائي أي عرض سواس خليه إياها عليه