وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( أم ) الثانية منقطعة أيضا ومفادها إضراب انتقال ثان للارتقاء في الاستدلال على أن الربانية بمراعاة الحق وانتفاع الباطل في الخلق تقتضي الجزاء والبعث لأجله .
ومعنى الاستفهام الذي تقتضيه ( أم ) الثانية : الإنكار كالذي اقتضته ( أم ) الأولى .
وهذا الارتقاء في الاستدلال لقصد زيادة التشنيع على منكري البعث والجزاء بأن ظنهم ذلك يقتضي أن جعل الله المتقين مساوين للفجار في أحوال وجود الفريقين وتقريره مثل ما قرر به الاستدلال الأول .
والمتقون : هم الذين كانت التقوى شعارهم . والتقوى : ملازمة اتباع المأمورات واجتناب المنهيات في الظاهر والباطن وقد تقدم في أول سورة البقرة .
والفجار : الذين شعارهم الفجور وهو أشد المعصية . والمراد به : الكفر وأعماله التي لا تراقب أصحابها التقوى كما في قوله تعالى ( أولئك هم الكفرة الفجرة ) وقد تقدم تفصيل من هذا عند قوله تعالى ( إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون هو الذي جعل الشمس ضياء ) إلى قوله ( ما خلق الله ذلك إلا بالحق ) .
والمقصود من هذا الإطناب زيادة التهويل والتفظيع على الذين ظنوا ظنا يفضي إلى أن الله خلق شيئا من السماء والأرض وما بينهما باطلا فإن في الانتقال من دلالة الأضعف إلى دلالة الأقوى وفي تكرير أداة الإنكار شأنا عظيما من فضح أمر الضالين .
( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب [ 29 ] ) عقب الإمعان في تهديد المشركين وتجهيلهم على إعراضهم عن التدبر بحكمة الجزاء ويوم الحساب عليه والاحتجاج عليهم أعرض الله خطابهم ووجه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه والسلم بالثناء على الكتاب المنزل عليه وكان هذا القرآن قد بين لهم ما فيه لهم مقنع وحجاجا هو لشبهاتهم مقلع وأنه إن حرم المشركون أنفسهم من الانتفاع به فقد انتفع به أولو الألباب وهم المؤمنون . وفي ذلك إدماج الاعتزاز بهذا الكتاب لمن أنزل عليه ولمن تمسك به واهتدى بهديه من المؤمنين . وهذا نظير قوله تعالى عقب ذكر خلق الشمس والقمر ( ما خلق الله ذلك إلا بالحق نفصل الآيات لقوم يعلمون ) في أول سورة يونس .
والجملة استئناف معترض وفي هذا الاستئناف نظر إلى قوله في أول السورة ( والقرآن ذي الذكر ) إعادة للتنويه بشأن القرآن كما سيعاد ذلك في قوله تعالى ( هذا ذكر ) .
A E فقوله ( كتاب ) يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف والتقدير : هذا كتاب وجملة ( أنزلناه ) صفة ( كتاب ) . ويجوز أن يكون مبتدأ وجملة ( أنزلناه ) صفة ( كتاب ) و ( مبارك ) خبرا عن ( كتاب ) .
وتنكير ( كتاب ) للتعظيم لأن الكتاب معلوم فما كان تنكيره إلا لتعظيم شأنه وهو مبتدأ سوغ الابتداء به وصفة بجملة ( أنزلناه ) و ( مبارك ) هو الخبر . ولك أن تجعل ما في التنكير من معنى التعظيم مسوغا للابتداء وتجعل جملة ( أنزلناه ) خبرا أول و ( مبارك ) خبرا ثانيا و ( ليدبروا ) متعلق ب ( أنزلناه ) ولكن لا يجعل ( كتاب ) خبر مبتدأ محذوف وتقدره : هذا الكتاب إذ ليس هذا بمحز كبير من البلاغة .
والمبارك : المنبثة فيه البركة وهي الخير الكثير وكل آيات القرآن مبارك فيها لأنها : إما مرشدة إلى خير وإما صارفة عن شر وفساد وذلك سبب الخير في العاجل والآجل ولا بركة أعظم من ذلك .
والتدبر : التفكر والتأمل الذي يبلغ به صاحبه معرفة المراد من المعاني وإنما يكون ذلك في كلام قليل اللفظ كثير المعاني التي أودعت فيه بحيث كلما ازداد المتدبر تدبرا انكشف له معان لم تكن بادية له بادئ النظر . وأقرب مثل للتدبر هنا هو ما مر أنفا من معاني قوله تعالى ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ) إلى قوله ( أم نجعل المتقين كالفجار ) وتقدم عند قوله تعالى ( أفلا يتدبرون القرآن ) في سورة النساء .
وقرأ الجمهور ( ليدبروا ) بياء الغيبة وتشديد الدال .
وأصل ( يدبروا ) يتدبروا فقلبت التاء دالا لقرب مخرجيهما ليتأتى الإدغام لتخفيفه وهو صيغة تكلف مشتقة من فعل : دبر بوزن ضرب إذا تبع فتدبره بمنزلة تتبعه ومعناه : أنه يتعقب ظواهرها من المعاني المكنونة والتأويلات اللائقة وتقدم عند قوله تعالى ( أفلم يدبروا القول ) في سورة المؤمنين