وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والنسيان : مستعار للإعراض الشديد لأنه يشبه نسيان المعرض عنه كما في قوله تعالى ( نسوا الله فنسيهم ) وهو مراتب أشدها إنكار البعث والجزاء قال تعالى ( فذوقوا بما نسيتم لقاء هذا إنا نسيناكم ) . ودونه مراتب العذاب لأنه إذا كان السبب ذا مراتب كانت المسببات تبعا لذلك .
والمراد ب ( يوم الحساب ) ما يقع فيه من الجزاء على الخير والشر فهو في المعنى على تقدير مضاف أي جزاء يوم الحساب على حد قوله تعالى ( ونسي ما قدمت يداه ) أي لم يفكر في عاقبة ما يقدمه من الأعمال .
وفي جعل الضلال عن سبيل الله ونسيان يوم الحساب سببين لاستحقاق العذاب الشديد تنبيه على تلازمهما فإن الضلال عن سبيل الله يفضي إلى الإعراض عن مراقبة الجزاء .
وترجمة داود تقدمت عند قوله تعالى ( ومن ذريته داود ) في الأنعام وقوله ( وآيتنا داود زبورا ) في النساء .
( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار [ 27 ] ) لما جرى في خطاب داود ذكر نسيان يوم الحساب وكان أقصى آيات ذلك النسيان جحود وقعه لأنه يفضي إلى عدم مراعاته ومراقبته أبدا أعترض بين القصتين بثلاث آيات لبيان حكمة الله تعالى في جعل الجزاء ويومه احتجاجا على منكريه من المشركين .
والباطل : ضد الحق فكل ما كان غير حق فهو الباطل ولذلك قال تعالى في الآية الأخرى ( ما خلقناهما إلا بالحق ) .
والمراد بالحق المأخوذ من نفي الباطل هنا هو أن تلك المخلوقات خلقة على حالة لا تخرج عن الحق ؛ إما حالا كخلق الملائكة والرسل والصالحين وإما في المآل كخلق الشياطين والمفسدين لأن إقامة الجزاء عليهم من بعد استدراك لمقتضى الحق .
وقد بنية هذه الحجة على الاستدلال بأحوال المشاهدات وهي أحوال السماوات والأرض وما بينهما والمشركون يعلمون أن الله هو خالق السماوات والأرض وما بينهما فأقيم الدليل على أساس مقدمة لا نزاع فيها وهي أن الله خلق ذلك وأنهم إلى تأملوا أدنى تأمل وجدوا من نظام هذه العوالم دلالة تحصل بأدنى نظر على أنه نظام على غاية الإحكام أحكام مطردا وهو ما نبههم الله إليه بقوله ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ) .
A E ومصب النفي الحال وهو قوله ( باطلا ) فهو عام لوقوعه في سياق النفي وبعد النظر يعلم الناظر أن خالقها حكيم عادل وأن تصرفات الفاعل يستدل بالظاهر منها على الخفي فكان حق على الذين اعتادوا بتحكيم المشاهدات وعدم تجاوزها أن ينظروا بقياس ما خفي عنهم على ما هو مشاهد لهم فلما استقر أن نظام السماء والأرض وما بينهما كان جاريا على مقتضى الحكمة وكامل النظام فعليهم أن يتدبروا فيما خفي عنهم من وقوع البعث والجزاء فإن جميع ما في الأرض جار على نظام بديع إلا أعمال الإنسان فمن المعلوم بالمشاهدة أن من الناس صالحين نافعين ومنهم دون ذلك إلى وصنف المجرمين المفسدين وإن من الصالحين كثيرا لم ينالوا من حظوظ الخيرات الدنيوية شيئا أو إلا شيئا قليل هو أقل مما يستحقه صلاحه وما جاهده من الارتقاء بنفسه إلى معارج الكمال . ومن المفسدين من هم بعكس ذلك .
والفساد : اختلال اجتلبه الإنسان إلى نفسه باتباعه شهواته باختياره الذي أودعه الله فيه وبقواه الباطنية قال تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) وفي هذه المراتب يدنو الناس دنوا متدرجا إلى مراتب الملائكة أو دنوا متدليا إلى أحضية الشياطين فكانت الحكمة الإلهية تقتضي أن يلتحق كل فريق بأشباهه في النعيم الأبدي أو الجحيم السرمدي .
ولولا أن حكمة نظام خلق العوالم اقتضت أن يحال بين العوالم الزائلة والعوالم السرمدية في المدة المقدرة لبقاء هذه الأخيرة لأطار الله الصالحين إلى أوج النعيم الخالد ولدس المجرمين في دركات السعير المؤبد لعلل كثيرة اقتضت ذلك جماعها رعي الإبقاء على خصائص المخلوقات حتى تؤدي وظائفها التي خلقت لها وهي الخصائص قد تتعارض فلو أوثر بعضها على غيره بالإبقاء لأفضى إلى زوال الآخر فمكن الله كل نوع وكل صنف من الكدح لنوال ملائمة وأرشد الجميع إلى الخير وأمر ونهى وبين وحدد