وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والحق : هو ما يقتضيه العدل الشرعي من معاملة الناس بعضهم بعضا وتصرفاتهم في خاصتهم وعامتهم ويتعين الحق بتعين الشريعة .
والباء في ( بالحق ) باء المجازية جعل الحق كالآلة التي يعمل بها العامل في قولك : قطعه بالسكين وضربه بالعصا .
وقوله ( ولا تتبع الهوى ) معطوف على التفريع ولعله المقصود من التفريع . وإنما تقدم عليه أمره بالحكم بالحق ليكون توطئة للنهي عن اتباع الهوى سدا لذريعة الوقوع في خطأ الحق فإن داود ممن حكم بالحق فأمره به باعتبار المستقبل .
والتعريف في ( الهوى ) تعريف الجنس المفيد للاستغراق فالنهي يعم كل ما هو هوى سواء كان هوى المخاطب أو هوى غيره مثل هوى زوجه وولده وسيده وصديقه أو هوى الجمهور ( قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ) .
ومعنى الهوى : المحبة وأطلق على الشيء المحبوب مبالغة أي ولو كان هوى شديدا تعلق النفس به .
والهوى : كناية عن الباطل والجور والظلم لما هو متعارف من الملازمة بين هذه الأمور وبين هوى النفوس فإن العدل والأنصاف ثقيل على النفوس فلا تهواه غالبا ومن صارت له محبة الحق سجية فقد أوتي العلم والحكمة وأيد بالحفظ أو العصمة .
والنهي عن أتباع الهوى تحذير له وإيفاظ ليحذر من جراء الهوى ويتهم هوى نفسه ويتعقبه فلا ينقاد إليه إلا بعد التأمل والتثبت وقد قال سهل بن حنيف Bه ( اتهموا الرأي ) ذلك أن هوى النفس يكون في الأمور السهلة عليها الرائقة عندها ومعظم الكمالات صعبة على النفس لأنها ترجع إلى تهذيب النفس والارتقاء بها عن حضيض الحيوانية إلى أوج الملكية ففي جميعها أو معظمها صرف للنفس عما لاصقها من الرغائب الجسمانية الراجع أكثرها إلى طبع الحيوانية لأنها إما مدعوة لداعي الشهوة أو داعي الغضب فالاسترسال في اتباعها وقوع في الرذائل في الغالب ولهذا جعل هنا الضلال عن سبيل الله مسببا على اتباع الهوى وهو تسبب أغلبي عرفي فشبه الهوى بسائر في طريق مهلكة على طريقة المكنية ورمز إليه بلازم ذلك وهو الإضلال عن طريق الرشاد المعبر عنه بسبيل الله فإن الذي يتبع سائرا غير عارف بطريق المنازل النافعة لا يلبث أن يجد نفسه وإياه في مهلكة أو مقطعة طريق .
A E واتباع الهوى قد يكون اختيارا وقد يكون كرها . والنهي عن اتباعه يقتضي النهي عن جميع أنواعه ؛ فأما الاتباع الاختياري فالحذر منه ظاهر وأما الاتباع الاضطراري فالتخلص منه بالانسحاب عما جره إلى الإكراه ولذلك اشترط العلماء في الخليفة شروطا كلها تحوم حول الحيلولة بينه وبين اتباع الهوى وما يوازيه من الوقوع في الباطل وهي : التكليف والحرية والعدالة والذكورة وأما شرط كونه من قريش عند الجمهور فلئلا يضعف أمام القبائل بغضاضة .
وانتصب ( فيضلك ) بعد فاء السببية في جواب النهي . ومعنى جواب النهي جواب المنهي عنه فهو السبب في الضلال وليس النهي سبب في الضلال . وهذا بخلاف طريقة الجزم في جواب النهي .
وسبيل الله الأعمال التي تحصل منها مرضاته وهي الأعمال التي أمر الله بها ووعد بالجزاء عليها شبهت بالطريق الموصل إلى الله أي إلى مرضاته . وجملة ( إن الذين يضلون عن سبيل الله ) إلى آخرها يظهر أنها مما خاطب الله به داود وهي عند أصحاب العدد آية واحدة من قوله ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض ) إلى ( الحساب ) فهي في موقع العلة للنهي فكانت ( إن ) مغنية عن فاء التسبب والترتب فالشيء الذي يفضي إلى العذاب الشديد خليق بأن ينهي عنه وإن كانت الجملة كلاما منفصلا عن خطاب داود كانت معترضة ومستأنفة استئنافا بيانيا لبيان خطر الضلال عن سبيل الله .
والعموم الذي في قوله ( الذين يضلون عن سبيل الله ) يكسب الجملة وصف تذييل أيضا وكلا الاعتبارين موجب لعدم عطفها .
وجيء بالوصول للإيماء إلى أن الصلة علة لاستحقاق العذاب . واللام في ( لهم عذاب ) للاختصاص والباء في ( بما نسوا يوم الحساب ) سببية .
و ( ما ) مصدرية أي بسبب نسيانهم يوم الحساب وتتعلق الباء بالاستقرار الذي ناب عنه المجرور في قوله ( لهم عذاب )