وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد اختلف المفسرون في ماهية هذين الخصمين فقال السدي والحسن ووهب بن منبه : كانا ملكين أرسلهما الله في صورة رجلين لداود عليه السلام لإبلاغ هذا المثل إليه عتابا له . ورواه الطبري عن أنس مرفوعا . د وقبل كانا أخوين شقيقين من بني إسرائيل أي ألهمهما الله إيقاع هذا الوعظ .
واعلم أن سوق هذا النبأ عقب التنويه بداود عليه السلام ليس إلا تتميما للتنويه به لدفع ما قد يتوهم أنه ينقض ما ذكر من فضائله مما جاء في كتاب صمويل الثاني من كتب اليهود في ذكر هذه القصة من أغلاط باطلة تنافي مقام النبوة فأريد بيان المقدار الصادق منها وتذييله بأن ما صدر عن داود عليه السلام يستوجب العتاب ولا يقتضي العقاب ولذلك ختمت بقوله تعالى ( وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ) .
وبهذا تعلم أن ليس لهذا النبأ تعلق بالقصد الذي سيق لأجله ذكر داود ومن عطف عليه الأنبياء .
وهذا النبأ الذي تضمنته الآية يشير به إلى قصة تزوج داود عليه السلام زوجة " أوريا الحثي " من رجال جيشه وكان داود رآها فمال إليها ورام تزوجها فسأله أن يتنازل له عنها وكان في شريعتهم مباحا أن الرجل يتنازل عن زوجه إلى غيره لصداقة بينهما فيطلقها ويتزوجها الآخر بعد مضي عدتها وتحقق براءة رحمها كما كان ذلك في صدر الإسلام . وخرج أوريا في غزو مدينة ( ربة ) للعمونيين وقيل في غزو عمان قصبة البلقاء من فلسطين فقتل في الحرب وكان اسم المرأة بشبع بنت اليعام وهي أم سليمان . وحكى القرآن اكتفاء بأن نبأ الخصمين يشعر بها لأن العبرة بما أعقبه نبأ الخصمين في نفس داود فعتب الله على داود استعمل لنفسه هذا المباح فعاتبه بهذا المثل المشخص أرسل إليه ملكين نزلا من أعلى سور المحراب في صورة خصمين وقصا عليه القصة وطلبا حكمه وهديه فحكم بينهما وهداهما بما تقدم تفسيره لتكون تلك الصورة عظة له ويشعر أنه كان الأليق بمقامه أن لا يتناول هذا الزواج وإن كان مباحا لما فيه من إيثار نفسه بما هو لغيره ولو بوجه مباح لأن الشعور بحسن الفعل أو قبحه قد لا يحصل عليه حين يفلعه فإذا رأى أو سمع أن واحدا عمله شعر بوصفه .
ووقع في سفر صمويل الثاني من كتب اليهود سوق هذه القصة على الخلاف هذا .
وليس في قول الخصمين ( هذا أخي ) ولا في فرضهما الخصومة التي هي غير واقعة ارتكاب الكذب لأن هذا الأخبار المخالفة للواقع التي لا يريد المخبر بها أن يظن المخبر ( بالفتح ) وقوعها إلا ريثما يحل الغرض من العبرة بها ثم ينكشف له باطنها فيعلم أنها لم تقع .
وما يجري من خلالها من الأوصاف والنسب غير الواقع فإنما هو على سبيل الفرض والتقدير وعلى نية المشابهة .
وفي هذا دليل شرعي على جواز وضع القصص التمثيلية منها التربية والموعظة ولا يحتمل واضعها جرحة الكذب خلافا للذين نبزوا الحريري بالكذب في وضع المقامات كما أشار هو إليه في ديباجتها . وفيها دليل شرعي لجواز تمثيل تلك القصص بالأجسام إذا لم تخالف الشريعة ومنه تمثيل الروايات والقصص في ديار التمثيل فغن ما يجري في شرع من قبلنا يصلح دليلا لنا في شرعنا إذا حكاه القرآن أو سنة النبي صلى الله عليه والسلم ولم يرد في شرعنا ما ينسخه .
A E وأخذ من الآية مشروعية القضاء في المسجد قالوا : وليس في القرآن ما يدل على ذلك سوى هذه الآية بناء على أن من قبلنا شرع لنا إذا حكاه الكتاب أو السنة .
وقد حكيت هذه القصة في سفر صمويل الثاني في الإصحاح الحادي عشر على خلاف ما في القرآن وعلى خلاف ما تقتضيه العصمة لنبوة داود عليه السلام فاحذروه .
والذي في القرآن هو الحق والمنتظم مع المعتاد وهو المهين عليه ولو حكي ذلك بخير آحاد في المسلمين لوجب رده والجزم بوضعه لمعارضته المقطوع به من عصمة الأنبياء من الكبائر عند جميع أهل السنة ومن الصغائر عند المحقين منهم وهو المختار .
( وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب [ 24 ] فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب [ 25 ] )