وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومجموع ( اهدنا إلى سواء الصراط ) تمثيل لحال الحاكم بالعدل بحال المرشد الدال على الطريق المواصلة فهو من التمثيل القابل تجزئة التشبيه في أجزائه ويؤخذ من هنا أن حكم القاضي العدل يحمل على الجري على الحق وأن الحكم يجب أن يكون بالحق شرعا لأنه هدي فهو والفتيا سواء في أنهما هدى إلا أن الحكم فيه إلزام .
ومعنى ( اكفلنيها ) اجعلها في كفالتي أي حفظي وهو كناية عن الإعطاء والهبة أي هبها لي .
وجملة ( إن هذا أخي ) إلى آخرها بيان لجملة ( خصمان بغي بعضنا على بعض ) وظاهر الأخ أنهما أرادا أخوة النسب . وقد فرضا أنفسهما أخوين وفرضا الخصومة في معاملات القرابة وعلاقة النسب واستبقاء الصلات ثم يجوز أن يكون ( أخي ) بدل من اسم الإشارة . ويجوز أن يكون خبر ( إن ) وهو أولى لأن فيه زيادة استفظاع اعتدائه عليه .
و ( عزني ) غلبني في مخاطبته أي أظهر في الكلام عزة علي وتطاولا .
فجعل الخطاب ظرفا للعزة مجازا لأن الخطاب دل على العزة والغلبة فوقع تنزيل المدلول منزلة المظروف وهو كثير في الاستعمال .
والمعنى : أنه سأله أن يعطيه نعجته ولما رأى منه تمنعا اشتد عليه بالكلام وهدده فأظهر الخصم المتشكي أنه يحافظ على أواصر القرابة فشكاه إلى الملك نفس .
وبهذا يتبين أن موضع هذا التحاكم طلب الإنصاف في معاملة القرابة لئلا أن يفضي الخلاف بينهم إلى التواثب فتنقطع أواصر المبرة والرحمة بينهم .
وقد . علم داود من تساوقها للخصومة ومن سكوت أحد الخصمين أنهما متقاربان على ما وصفه الحاكي منهما أو كان المدعى عليه قد اعترف .
فحكم داود بأن سؤال الأخ أخاه نعجته ظلم لأن السائل في غنى عنها والمسؤول ليس له غيرها فرغبة السائل فيما بيد أخيه من فرط الحرص على المال واجتلاب النفع للنفس بدون اكتراث بنفع الآخر . وهذا ليس من شأن التحاب بين الأخوين والإنصاف منهما فهو ظلم وما كان من الحق أن يسأله ذلك أعطاه أو منعه ولأنه تطاول عليه في الخطاب ولامه على عدم سماح نفسه بالنعجة وهذا ظلم أيضا .
والإضافة في قوله ( بسؤال نعجتك ) للتعريف أي هذا السؤال الخاص المتعلق بنعجة معروفة أي هذا السؤال بحذافره مشتمل على ظلم وإضافة سؤال من إضافة المصدر إلى مفعوله .
وتعليق ( إلى نعاجه ) ب ( سؤال ) تعليق على وجه تضمين ( سؤال ) معنى الضم كأنه قيل : بطلب ضم نعجتك إلى نعاجه .
فهذا جواب قولهما ( فاحكم بينهما بالحق ولا تشطط ) ثم أعقبه بجواب قولهما ( واهدنا إلى سواء الصراط ) إذ قال ( وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) المفيد أن بغي أحد المعاشرين على عشيره متفش بين الناس غير الصالحين من المؤمنين وهو كناية عن أمرهما بأن يكونا من المؤمنين الصالحين وأن ما فعله أحدهما ليس من شأن الصالحين وأن ما فعله أحدهما ليس من شأن الصالحين .
وذكر غالب أحوال الخلطاء أراد به الموعظة لهما بعد القضاء بينهما على عادة أهل الخير من انتهاز فرص الهداية فأراد داود عليه السلام أن يرغبهما في إيثار عادة الخلطاء الصالحين وأن يكره إليهما الظلم والاعتداء .
A E ويستفاد من المقام أنه يأسف لحالهما وأنه أراد تسلية المظلوم عما جرى عليه من خليطه وأن له أسوة في اكثر الخلطاء .
وفي تذييل كلامه بقوله ( وقليل ما هم ) حث لهما أن يكونا من الصالحين لما هو متقرر في النفوس من نفاسة كل شيء قليل قال تعالى ( قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ) . والسبب في ذلك من جانب الحكمة أن الدواعي إلى لذات الدنيا كثيرة والمشي مع الهوى محبوب ومجاهدة النفس عزيزة الوقوع فالإنسان محفوف بجواذب السيئات وأما دواعي الحق والكمال فهو الدين والحكمة وفي أسباب الكمال إعراض عن محركات الشهوات وهو إعراض عسير لا يسلكه إلا من سما بدينه وهمته إلى الشرف النفساني وأعرض عن الداعي الشهواني فذلك هو العلة في هذا الحكم بالقلة .
وزيادة ( ما ) بعد ( قليل ) لقصد الإبهام كما تقدم آنفا في قوله ( جند ما هنالك ) وفي هذا الإبهام إيذان بالتعجب من ذلك بمعونة السياق والمقام كما أفادت زيادتها في قول امرئ القيس : .
وحديث الركب يوم هنا ... وحديث ما على قصره معنى التلهف والتشوق