وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أعقبت حكاية أقوالهم من التكذيب ابتداء من قوله ( وقال الكافرون هذا ساحر كذاب ) إلى هنا بأمر الله رسوله A بالصبر على قولهم إذ كان جميعها أذى : إما صريحا كما قالوا ( ساحر كذاب ) وقالوا ( إن هذا إلا اختلاق ) ( إن هذا لشيء يراد ) وإما ضمنا وذلك ما في سائر أقوالهم من إنكار ما جاء به الرسول A والاستهزاء بقولهم ( ربنا عجل لنا قطنا ) من إثبات أن الإله واحد ويشمل ما يقولونه مما لم يحك في أول هذه السورة .
وقوله ( واذكر عبدنا داود ) إلى آخره يجوز أن يكون عطفا على قوله ( اصبر على ما يقولون ) بأن أتبع أمره بالصبر وبالائتساء ببعض الأنبياء السابقين فيما لقوه من الناس ثم كانت لهم عاقبة النصر وكشف الكرب . ويجوز أن يكون عطفا على مجموع ما تقدم عطف القصة والغرض هو هو . وابتدئ بذكر داود لأن الله أعطاه ملكا وسلطانا لم يكن لآبائه ففي ذكره إيماء إلى أن شأن محمد A سيصير إلى العزة والسلطان ولم يكن له سلف ولا جند فقد كان حال النبي A أشبه بحال داود عليه السلام .
وأدمج في خلال ذلك الإيماء إلى التحذير من الضجر في ذات الله تعالى واتقاء مراعاة حظوظ النفس في سياسة الأمة إبعاده لرسوله A عن مهاوي الخطأ والزلل وتأديبا له في أول أمره وآخره مما أن يتلقى بالعذل . وكان داود أيضا قد صبر على ما لقيه من حسد شاول " طالوت " ملك إسرائيل إياه على انتصاره على جالوت ملك فلسطين .
فالمصدر المتصرف ( واذكر عبدنا داود ) هو الذكر بضم الذال وهو التذكر وليس هو ذكر اللسان لأنه إنما أمر النبي A بذلك لتسليته وحفظ كماله لا ليعلمه المشركين ولا ليعلمه المسلمين على أن كلا الأمرين حاصل تبعا حين إبلاغ المنزل في شأن داود إليهم وقراءته عليهم .
ومعنى الأمر بتذكر ذلك تذكر ما سبق إعلام النبي A به من فضائله وتذكير ما عسى أن يكون لم يعلمه مما يعلم به في هذه الآية .
ووصف داود ب ( عبدنا ) وصف تشريف بالإضافة بقرينه المقام كما تقدم عند قوله ( إلا عباد الله المخلصين ) في سورة الصافات .
A E والأيد : القوة والشدة مصدر : آد يئيد إذا اشتد وقوي ومنه التأييد التقوية قال تعالى ( فآواكم وأيدكم بنصره ) في سورة الأنفال .
وكان داود قد أعطى قوة نادرة وشجاعة وإقداما عجيبين وكان يرمي الحجر بالمقلاع فلا يخطئ الرمية وكان يلوي الحديد ليصنعه سردا للدروع بأصابعه وهذه القوة محمودة لأنه استعملها في نصر دين التوحيد .
وجملة ( إنه أواب ) تعليل للأمر بذكره إيماء إلى أن الأمر لقصد الاقتداء به كما قال تعالى ( فبهداهم اقتده ) فالجملة معترضة بين جملة ( واذكر ) وجملة بيانها وهي ( إنا سخرنا الجبال معه ) .
والأواب : الكثير الأوب أي الرجوع . والمراد : الرجوع إلى ما أمر الله به والوقوف عنده حدوده وتدارك ما فرط فيه .
والتائب يطلق عليه الأواب وهو غالب استعمال القرآن وهو مجاز ولا تسمى التوبة أوبا وزبور داود المسمى عند اليهود بالمزامير مشتمل على كثير من الاستغفار وما في معناه من التوبة .
وجملة ( إنا سخرنا الجبال معه ) بيان لجملة ( واذكر عبدنا ) أي اذكر فضائله وما أنعمنا عليه من تسخير الجبال وكيت وكيت و ( معه ) ظرف ل ( يسبحن ) وقدم على متعلقه للاهتمام بمعيته المذكور وليس ظرفا ل ( سخرنا ) لاقتضائه وتقدم تسخير الجبال والطير لداود في سورة الأنبياء .
وجملة ( يسبحن ) حال . واختير الفعل المضارع دون الوصف الذي هو الشأن في الحال لأنه أريد الدلالة على تجدد تسبيح الجبال معه كلما حضر فيها ولما في المضارع من استحضاره تلك الحالة الخارقة للعادة .
والتسبيح أصله قول : سبحان الله ثم أطلق على الذكر وعلى الصلاة ومنه حديث عائشة " لم يكن رسول الله A يسبح سبحة الصبح وإني لأسبحها " وليس هذا المعنى مرادا هنا لأن الجبال لا تصلي والطير كذلك ولأن داود لا يصلي في الجبال إذ الصلاة في شريعتهم لا يقع إلا في المسجد وأما الصلاة في الأرض فهي من خصائص الإسلام .
والعشي : ما بعد العصر . يقال : عشي وعشية