وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وإنما قيل ( الذين كفروا ) دون ( الكافرون ) لما في صلة الموصول من الإيماء إلى الإخبار عنهم بأنهم في عزة وشقاق . والعزة تحوم إطلاقاتها في الكلام حول معاني المنعة والغلبة والتكبر فإن كان ذلك جاريا على أسباب واقعة فهي العزة الحقيقية وإن كان عن غرور وإعجاب بالنفس فهي عزة مزورة قال تعالى ( وإذا قيل له اتق الله أخذته بالعزة بالإثم ) أي أخذته الكبرياء وشدة العصيان وهي هنا عزة باطلة أيضا لأنها إباء من الحق وإعجاب بالنفس . وضد العزة الذلة قال تعالى ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) وقال السموال أو غيره : .
وما ضرنا أنا قليل وجارنا ... عزيز وجار الاكثرين ذليل و ( في ) للظرفية المجازية مستعارة لقوة التلبس بالعزة . والمعنى : متلبسون بعزة على الحق .
والشقاق : العناد والخصام . والمراد : وشقاق لله بالشرك ولرسوله A بالتكذيب . والمعنى : أن الحائل بينهم وبين التذكير بالقرآن هو ما في قرارة نفوسهم من العزة والشقاق .
( كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص [ 3 ] ) A E استئناف بياني لأن العزة عن الحق والشقاق لله ولرسوله A مما يثير في خاطر السامع أن يسأل عن جزاء ذلك فوقع هذا بيانا له وهذه الجملة معترضة بين جملة ( بل الذين كفروا في عزة وشقاق ) وبين جملة ( وعجبوا أن جاءهم منذر منهم ) .
وكان هذا بيان إخبارا مرفقا بحجة من قبيل قياس تمثيل لأن قوله ( من قبلهم ) يؤذن بأنهم مثلهم في العزة والشقاق ومتضمنا تحذيرا من التريث عن إجابة دعوة الحق أي ينزل بهم العذاب فلا ينفعهم ندم ولا متاب كما لم ينفع القرون من قبلهم . فالتقدير : سيجازون على عزتهم وشقاقهم بالهلاك كما جوزيت أمم كثيرة من قبلهم في ذلك فليحذروا ذلك فإنهم إن حقت عليهم كلمة العذاب لم ينفعهم متاب كما لم ينفع الذين من قبلهم متاب عند رؤية العذاب .
و ( كم ) اسم دال على عدد كثير . و ( من قرن ) تمييز لإبهام العدد أي عددا كثيرا من القرون وهي في موضع نصب بالمفعولية ل ( أهلكنا ) .
والقرن : الأمة كما في قوله تعالى ( ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين ) . و ( من قبلهم ) يجوز أن يكون ظرفا مستقرا جعل صفة ل ( قرن ) مقدمة عليه فوقعت حالا وإنما قدم للاهتمام بمضمونه ليفيد الاهتمام إيماء إلى أنهم أسوة لهم في العزة والشقاق وأن ذلك سبب إهلاكهم .
ويجوز أن يكون متعلقا ب ( أهلكنا ) على أنه ظرف لغو وقدم على مفعول فعله مع أن المفعول أولى بالسبق من بقية معمولات الفعل ليكون تقديمه اهتماما به إيماء إلى الإهلاك كما في الوجه الأول .
وفرع على الإهلاك أنهم نادوا فلم ينفعهم نداؤهم تحذيرا من أن يقع هؤلاء في مثل ما وقعت فيه القرون من قبلهم إذ أضاعوا الفرصة فنادوا بعد فواتها فلم يفدهم نداؤهم ولا دعاؤهم .
والمراد بالنداء في ( فنادوا ) نداؤهم الله تعالى تضرعا وهو الدعاء كما حكي عنهم في قوله تعالى ( ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ) .
وقوله ( حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون ) .
وجملة ( ولات حين مناص ) في موضع الحال والواو واو الحال أي نادوا في الحال لا حين مناص لهم .
و ( لات ) حرف نفي بمعنى ( لا ) المشبهة ب ( ليس ) و ( لات ) حرف مختص بنفي أسماء الأزمان وما يتضمن معنى الزمان من إشارة ونحوها . وهي مركبة من ( لا ) النافية وصلت بها تاء زائدة لا تفيد تأنيثا لأنها ليست هاء وإنما هي كزيادة التاء في قولهم : ربت وثمت .
والنفي بها لغير الزمان ونحوه خطأ في اللغة وقع فيه أبو الطيب إذ قال : .
لقد تصبرت حتى لات مصطبر ... والآن أقحم حتى لات مقتحم وأغفل شارحو ديوانه كلهم وقد أدخل ( لات ) على غير اسم زمان .
وأيا ما كان فقد صارت ( لا ) بلزوم زيادة التاء في آخرها حرفا مستقلا خاصا بنفي أسماء الزمان فخرجت عن نحو : ربت وثمت