وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعبر عن الرسول بالنذير لأن مجادلة أهل الكتاب إياهم كانت مشتملة على تخويف وإنذار ولذلك لم يقتصر على وصف النذير في قوله تعالى ( أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير ) . وهذا يرجح أن تكون المجادلة جرت بينهم وبين بعض النصارى لأن الإنجيل معظمه نذارة .
و ( إحدى الأمم ) أمة من الأمم ذات الدين فإن عنوا بها أمة معروفة : إما الأمة النصرانية وإما الأمة اليهودية أو الصابئة كان التعبير عنها ب ( إحدى الأمم ) إبهاما لها يحتمل أن يكون إبهاما من كلام المقسمين تجنبا لمجابهة تلك الأمة بصريح التفضيل عليها ويحتمل أن يكون إبهاما من كلام القرآن على عادة القرآن في الترفع عما لا فائدة في تعيينه إذ المقصود أنهم أشهدوا الله على أنهم إن جاءهم رسول يكونوا أسبق من غيرهم اهتداء فإذا هم لم يشمموا رائحة الاهتداء . ويحتمل أن يكون فريق من المشركين نظروا في قسمهم بهدي اليهود وفريق نظروا بهدي النصارى وفريق بهدي الصائبة فجمعت عبارة القرآن ذلك بقوله ( من إحدى الأمم ) ليأتي على مقالة كل فريق مع الإيجاز .
وذكر في الكشاف وجها آخر أن يكون ( إحدى الأمم ) بمعنى أفضل الأمم فيكون من تعبير المقسمين أي أهدى من أفضل الأمم ولكنه بناه على التنظير بما ليس له نظير وهو قولهم " إحدى الإحد " بكسر الهمزة وفتح الحاء في الإحد " ولا يتم التنظير لأن قولهم : إحدى الإحد جرى مجرى المثل في استعظام الأمر في الشر أو الخير . وقرينة إرادة الاستعظام إضافة ( إحدى ) إلى اسم من لفظها فلا يقتضي أنه معنى يراد في حالة تجرد " إحدى " عن الإضافة .
وبين : ( أهدى ) و ( إحدى ) الجناس المحرف .
وهذه الآية وغيرها وما يؤثر من تنصر بعض العرب ومن اتساع بعضهم في التحنف يدل على أنهم كانوا يعلمون رسالة الرسل وأما ما حكي عنهم في قوله تعالى ( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) فذلك صدر منهم في الملاجة والمحاجة لما لزمتهم الحجة بأن الرسل من قبل محمد A كانوا من البشر وكانت أحوالهم أحوال البشر مثل قوله تعالى ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) فلجأوا إلى إنكار أن يوحي الله إلى بشر شيئا .
وأما ما حكي عنهم هنا فهو شأنهم قبل بعثة محمد A .
والنذير : المنذر بكلامه . فالمعنى : فلما جاءهم رسول وهو محمد A ولم يكن جاءهم رسول قبله كما قال تعالى ( لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك ) وهذا غير القسم المحكي في قوله تعالى ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ) .
والزيادة : أصلها نماء وتوفر في ذوات . وقد يراد بها القوة في الصفات على وجه الاستعارة كقوله تعالى ( فزادتهم رجس إلى رجسهم ) . ومن ثمة تطلق الزيادة أيضا على طرو حال على حال أو تغيير حال إلى غيره كقوله تعالى ( فلن نزيدكم إلا عذابا ) .
وتطلق على ما يطرأ من الخير على الإنسان وإن لم يكن نوعه عنده من قبل كقوله تعالى ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) أي وعطاء يزيد في خيرهم .
ولما كان مجيء الرسول يقتضي تغيير أحوال المرسل إليهم إلى ما هو أحسن كان الظن بهم لما أقسموا قسمهم ذلك أنهم إذا جاءهم النذير اهتدوا وازدادوا من الخير أن كانوا على شأن من الخير فإن البشر لا يخلو من جانب من الخير قوي أو ضعيف فإذا بهم صاروا نافرين من الدين الذي جاءهم .
والاستثناء مفرع من مفعول ( زادهم ) المحذوف أي ما أفادهم صلاحا وحالا أو نحو ذلك إلا نفورا فيكون الاستثناء في قوله ( إلا نفورا ) من تأكيد الشيء بما يشبه ضده لأنهم لم يكونوا نافرين من قبل .
ويحتمل أن يكون المراد أنهم لما أقسموا : لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى كان حالهم حال النفور من قبل دعوة النصارى إياهم إلى دينهم أو من الاتعاظ بمواعظ اليهود في تقبيح الشرك فأقسموا ذلك القسم تفصيا من المجادلة وباعثهم عليه النفور من مفارقة الشرك فلما جاءهم الرسول ما زادهم شيئا وإنما زادهم نفورا فالزيادة بمعنى التغيير والاستثناء تأكيد للشيء بما يشبه ضده . والنفور هو نفورهم السابق فالمعنى لم يزدهم شيئا وحالهم هي هي .
A E