وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا [ 42 ] استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) هذا شيء حكاه القرآن عن المشركين فهو حكاية قول صدر عنهم لا محالة ولم يرو خبر عن السلف يعين صدور مقالتهم هذه ولا قائلها سوى كلام أثر عن الضحاك هو أشبه بتفسير الضمير من ( أقسموا ) وتفسير المراد ( من إحدى الأمم ) ولم يقل إنه سبب نزول .
وقال كثير من المفسرين إن هذه المقالة صدرت عنهم قبل بعثة النبي A لما بلغهم أن اليهود والنصارى كذبوا الرسل . والذي يلوح لي : أن هذه المقالة صدرت عنهم في مجاري المحاورة أو المفاخرة بينهم وبين بعض أهل الكتاب ممن يقدم عليهم بمكة أو يقدمون هم عليهم في لا أسفارهم إلى يثرب أو إلى بلاد الشام فربما كان أهل تلك البلدان يدعون المشركين إلى أتباع اليهودية أو النصرانية ويصغون الشرك في نفوسهم فكان المشركون لا يجرأون على تكذيبهم لأنهم كانوا مرموقين عندهم بعين الوقار إذ كانوا يفضلونهم بمعرفة الديانة وبأنهم ليسوا أميين وهم يأبون أن يتركوا دين الشرك فكانوا يعتذرون بأن رسول القوم الذين يدعونهم إلى دينهم لم يكن مرسلا إلى العرب ولو جاءنا رسول لكنا أهدى منكم كما قال تعالى ( أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ) . والأظهر أن يكون الداعون لهم هم النصارى لأن الدعاء إلى النصرانية من شعار أصحاب عيسى عليه السلام فإنهم يقولون : إن عيسى أوصاهم أن يرشدوا بني الإنسان إلى الحق وكانت الدعوة إلى النصرانية فأشبه في بلاد العرب أيام الجاهلية وتنصرت قبائل كثيرة مثل تغلب ولخم وكلب ونجران فكانت هذه الدعوة إن صح إيصاء عيسى عليه السلام بها دعوة إرشاد إلى التوحيد لا دعوة تشريع فإذا ثبتت هذه الوصية فما آراها إلا توطئة لدين يجيء تعم دعوته سائر البشر فكانت وصيته وسطا بين أحوال الرسل الماضين إذ كانت دعوتهم خاصة وبين حالة الرسالة المحمدية العامة لكافة الناس عزما .
أما اليهود فلم يكونوا يدعون الناس إلى اليهودية ولكنهم يقبلون من يتهود كما تهود عرب اليمن .
وأحسب أن الدعوة إلى نبذ عبادة الأصنام أو تشهير أنها لا تستحق العبادة لا يخلو عنها علماء موحدون وبهذا الاعتبار يصح أن يكون بعض النصاح من أحبار يهود يثرب يعرض لقريش إذا مروا على يثرب بأنهم على ضلال من الشرك فيعتذرون بما في هذه الآية . وهي تساوق قوله تعالى ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لولا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة ) .
فيتضح بهذا أن هذه الآية معطوفة على ما قبلها من أخبار ضلال المشركين في شأن الربوبية وفي شأن الرسالة والتدين وأن ما حكى فيها هو من ضلالاتهم ومجازفتهم .
والقسم بين أهل الجاهلية أكثره بالله وقد يقسمون بالأصنام وبآبائهم وعمرهم .
والغالب في ذلك أن يقولوا : واللات والعزى ولذلك جاء في الحديث " من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله " أي من جرى على لسانه ذلك جري الكلام الغالب وذلك في صدر انتشار الإسلام .
وجهد اليمين : أبلغها وأقواها . وأصله من الجهد وهو التعب يقال : بلغ كذا مني الجهد أي عملته حتى بلغ عمله مني تعبي كناية عن شدة عزمه في العمل . فجهد الأيمان هنا كناية عن تأكيدها وتقدم نظيره في قوله تعالى ( أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم ) في سورة العقود وتقدم في سورة الأنعام وسورة النحل وسورة النور .
وانتصب ( جهد ) على النيابة عن المفعول المطلق المبين للنوع لأنه صفة لما كان حقه أن يكون مفعولا مطلقا وهو ( أيمانهم ) إذ هو جميع يمين وهو الحلف فهو مرادف ل ( أقسموا ) فتقديره : وأقسموا بالله قسما جهدا وهو صفة بالمصدر أضيفت إلى موصوفها .
وجملة ( لئن جاءهم نذير ) الخ بيان لجملة ( أقسموا ) كقوله تعالى ( فوسوس إليه الشيطان قال يا آدام ) الآية .
A E