وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأطلق الإنذار هنا على حصول أثره وهو الانكفاف أو التصديق به وليس المراد حقيقة الإنذار وهو الإخبار عن توقع مكروه لأن القرينة صادقة عن المعنى الحقيقي وهي قرينة تكرر الإنذار للمشركين الفينة بعد الفينة وما هو ببعيد عن هذه الآية فإن النبي A أنذر المشركين طول مدة دعوته فتعين أن تعلق الفعل المقصور عليه ب ( الذين يخشون ربهم بالغيب ) تعلق على معنى حصول أثر الفعل . فالمقصود من القصر أنه قصر قلب لأن المقصود التنبيه على أن لا يظن النبي A انتفاع الذين لا يؤمنون بنذارته وأن كانت صيغة القصر صالحة لمعنى القصر الحقيقي لكن اعتبار المقام يعين اعتبار القصر الإضافي . ونظير هذه الآية قوله في سورة يس ( إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب ) وقوله ( فذكر القرآن من يخاف وعيد ) في سورة ق مع أن التذكير بالقرآن يعم الناس كلهم .
والغيب : ما غاب عنك أي الذين يخشون ربهم في خلواتهم وعند غيبتهم عن العيان أي الذين آمنوا حقا غير مرائين أحدا .
و ( أقاموا الصلاة ) أي لم يفرطوا في صلاة كما يؤذن به فعل الإقامة كما تقدم في أول سورة البقرة .
ولما كانت هاتان الصفتان من خصائص المسلمين صار المعنى : إنما تنذر المؤمنين فعدل عن استحضارهم بأشهر ألقابهم مع ما فيه من الإيجاز إلى استحضارهم بصلتين مع ما فيهما من الإطناب تذرعا بذكر هاتين الصلتين إلى الثناء عليهم بإخلاص الإيمان في الاعتقاد والعمل .
وجملة ( ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه ) تذييل جار مجرى المثل . وذكر التذييل عقب المذيل يؤذن بأن ما تضمنه المذيل داخل في التذييل بادئ ذي بدء مثل دخول سبب العام في عمومه من أول وهلة دون أن يخص العام به فالمعنى : أن الذين خشوا ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة هم ممن تزكى فانتفعوا بتزكيتهم فالمعنى : إنما ينتفع بالنذارة الذين يخشون ربهم بالغيب فأولئك تزكوا بها ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه .
والمقصود من القصر في قوله ( فإنما يتزكى لنفسه ) أن قبولهم النذارة كان لفائدة أنفسهم ففيه تعريض بأن الذين لم يعبأوا بنذارته تركوا تزكية أنفسهم بها فكان تركهم ضرا على أنفسهم .
وجملة ( وإلى الله المصير ) تكميل للتذييل والتعريف في ( المصير ) للجنس أي المصير كله إلى الله سواء فيه مصير المتزكى أي وكل يجازى بما يناسبه .
وتقديم المجرور في قوله ( وإلى الله المصير ) للاهتمام للتنبيه على أنه مصير إلى من اقتضى اسمه الجليل الصفات المناسبة لإقامة العدل وإفاضة الفضل مع الرعاية على الفاصلة .
( وما يستوي الأعمى والبصير [ 19 ] ولا الظلمات ولا النور [ 20 ] ولا الظل ولا الحرور [ 21 ] وما يستوي الأحياء ولا الأموات ) أربعة أمثال للمؤمنين والكافرين وللإيمان والكفر شبه الكافر بالأعمى والكفر بالظلمات والحرور والكافر بالميت وشبه المؤمن بالبصير وشبه الإيمان بالنور والذل وشبه المؤمن بالحي تشبيه المعقول بالمحسوس . فبعد أن بين قلة نفع النذارة للكافرين وأنها لا ينتفع بها غير المؤمنين ضرب للفريقين أمثالا كاشفة عن اختلاف حاليهما وروعي في هذه الأشباه توزيعها على صفة الكافر والمؤمن وعلى حالة الكفر والإيمان وعلى أثر الإيمان وأثر الكفر .
وقدم تشبيه حال الكافر وكفره على تشبيه حال المؤمن وإيمانه ابتداء لأن الغرض الأهم من هذا التشبيه هو تفظيع حال الكافر ثم الانتقال إلى حسن حال ضده لأن هذا التشبيه جاء لإيضاح ما أفاده القصر في قوله ( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب ) كما تقدم آنفا من أنه قصر إضافي قصر قلب فالكافر شبيه بالأعمى في اختلاط أمره بين عقل وجهالة كاختلاط أمر الأعمى بين إدراك وعدمه .
والمقصود : أن الكافر وإن كان ذا عقل يدرك به الأمور فإن عقله تمحض لإدراك أحوال الحياة الدنيا وكان كالعدم في أحوال الآخرة كقوله تعالى ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) فحاله المقسم بين انتفاع بالعقل وعدمه يشبه حال الأعمى في إدراكه أشياء وعدم إدراكه .
والعمى يعبر به عن الضلال قال ابن رواحة : .
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أن ما قال واقع A E