وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ووجه اختيار الإسناد إلى المؤنث بتأويل النفس دون أن يجري الإضمار على التذكير بتأويل الشخص لأن متى النفس هو المتبادر للأذهان عند ذكر الاكتساب كما في قوله تعالى ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ) في سورة الأنعام وقوله ( كل نفس بما كسبت رهينة ) في سورة المدثر وغير ذلك من الآيات ثم نبه على أن هذا الحكم العادل مطرد مستمر حتى لو استغاثت نفس مثقلة في الأوزار من ينتدب لحمل أوزارها أو بعضها لم تجد من يحمل عنها شيئا لئلا يقيس الناس الذين في الدنيا أحوال الآخرة على ما تعارفوه فإن العرب تعارفوا النجدة إذا استنجدوا ولو كان لأمر يضر بالمنجد . ومن أمثالهم ( لو دعي الكريم إلى حتفه لأجاب ) وقال وداك ابن ثميل المازني : .
إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم ... لأية حرب أم بأي مكان ولذلك سمي طلب الحمل هنا دعاء لأن في الدعاء معنى الاستغاثة .
وحذف مفعول ( تدع ) لقصد العموم . والتقدير : وإن تدع مثقلة أي مدعو .
وقوله ( إلى حملها ) متعلق ب ( تدع ) وجعل الدعاء إلى الحمل لأن الحمل سبب الدعاء وعلته . فالتقدير : وإن تدع مثقلة أحدا إليها لأجل أن يحمل عنها حملها فحذف أحد متعلقي الفعل المجرور باللام لدلالة الفعل ومتعلقة المذكور على المحذوف .
وهذا إشارة إلى ما سيكون في الآخرة أي لو استصرخت نفس من يحملها عنها شيئا من أوزارها كما كانوا يزعمون أن أصنامهم تشفع لهم أو غيرهم لا تجد من يجيبها لذلك .
وقوله ( ولو كان ذا قربى ) في موضع الحال من ( مثقلة ) . و ( لو ) وصلية كالتي في قوله تعالى ( فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ) في سورة آل عمران .
والضمير المستتر في ( كان ) عائد إلى مفعول ( تدع ) المحذوف إذ تقديره : وإن تدع مثقلة أحدا إلى حملها كما ذكرنا فيصير التقدير : ولو كان المدعو ذا قربى فإن العموم الشمولي الذي اقتضته النكرة في سياق الشرط يصير في سياق الإثبات عموما بدليا .
ووجه ما اقتضته المبالغة من ( لو ) الوصلية أن ذا القربى أرق وأشفق على قريبه فقد يظن انه يغني عنه في الآخرة بأن يقاسمه الثقل الذي يؤدي به إلى العذاب فيخف عنه العذاب بالاقتسام .
والإطلاق في لا القربى يشمل قريب القرابة كالأبوين والزوجين كما قال تعالى ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه ) .
وهذا إبطال لاعتقاد الغناء الذاتي بالتضامن والتحامل فقد كان المشركون يقيسون أمور الآخرة على أمر الدنيا فيعللون أنفسهم إذا هددوا بالبعث بأنه إن صح فإن لهم يومئذ شفعاء وأنصار فهذا سياق توجيه هذا إلى المشركين ثم هو بعمومه ينسحب حكمه على جميع أهل المحشر فلا يحمل أحد عن أحد أثمه . وهذا لا ينافي الشفاعة الواردة في الحديث كما تقدم في سورة سبأ فأنها إنما تكون بأذن الله تعالى إظهارا لكرامة نبيه محمد A ولا ينافي ما جعله الله للمؤمنين من مكفرات الذنوب كما ورد أن إفراط المؤمنين يشفعون لأمهاتهم فتلك شفاعة جعلية جعلها الله كرامة للأمهات المصابة من المؤمنات .
( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلوة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير [ 18 ] ) استئناف كلامي بأن الرسول A يخطر في نفسه التعجب من عدم تأثر أكثر المشركين بإنذاره فأجيب بأن إنذاره ينتفع به المؤمنون ومن تهيأوا للإيمان .
وإيراد هذه الآية عقب التي قبلها يؤكد أن المقصد الأول من التي قبلها موعظة المشركين وتخويفهم وإبلاغ الحقيقة إليهم لاقتلاع مزاعمهم وأوهامهم في أمر البعث والحساب والجزاء . فأقبل الله على رسوله A بالخطاب ليشعر بأن تلك المواعظ فيه وأنها إنما ينتفع بها المسلمون وهو أيضا يؤكد ما في الآية الأولى من التعريض بتأمين المسلمين بما اقتضاه عموم الإنذار والوعيد .
A E