وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واقع وقع البيان لما تضمنته جملة ( هو الغني الحميد ) من معنى قلة الاكتراث بإعراضهم عن الإسلام ومن معنى رضاه على من يعبده فهو تعالى لغناه عنهم وغضبه عليهم لو شاء لأبادهم وأتى بخلق آخرين يعبدونه فخلص العالم من عصاه أمر الله وذلك في قدرته ولكنه أمهلهم إعمالا لصفة الحلم .
فالمشيئة هنا المشيئة الناشئة عن الاستحقاق أي أنهم استحقوا أن يشاء الله إهلاكهم ولكنه أمهلهم لا أصل المشيئة التي هي كونه مختارا في فعله لا مكره له لأنها لا يحتاج إلى الإعلام بها .
والإذهاب مستعمل في الإهلاك أي الإعدام من هذا العالم أي أن يشأ يسلط عليهم موتا يعمهم فكأنه أذهبهم من مكان إلى مكان لأن يأتي بهم إلى دار الآخرة .
والإتيان بخلق جديد مستعمل في إحداث ناس لم يمونوا موجودين ولا مترقبا وجودهم أي يوجد خلقا من الناس يؤمنون بالله .
فالخلق هنا بمعنى المخلوق مثل قوله تعالى ( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ) . وهذا في معنى قوله ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) .
وليس المعنى : أنه إن يشأ يعجل بموتهم فيأتي جيل أبنائهم مؤمنين لأن قوله ( وما ذلك على الله بعزيز ) ينبو عنه .
وعطف عليه الإعلام بأن ذلك لو شاء لكان هينا عليه وما هو عليه بعزيز .
والعزيز : المتمنع الغالب وهذا زيادة في الإرهاب والتهديد ليكونوا متوقعين حلول هذا بهم .
ومفعول فعل المشيئة محذوف استغناء بما دل عليه جواب الشرط وهو ( يذهبكم ) إي أن يشأ إذهابكم ومثل هذا الحذف لمفعول المشيئة كثير في الكلام .
والإشارة في قوله ( وما ذلك ) عائدة إلى الإذهاب المدلول عليه ب ( يذهبكم ) أو إلى ما تقدم بتأويل المذكور .
( ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ) لما ما قبل هذه الآية مسوقا في غرض التهديد وكان الخطاب للناس أريدت طمأنة المسلمين من عواقب التهديد فعقب بأن من لم يأت وزرا لا يناله جزاء الوازر في الآخرة قال تعالى ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) . وقد يكون وعدا بالإنجاء من عذاب الدنيا إذ نزل بالمهددين الإذهاب والإهلاك مثلما اهلك فريق الكفار يوم بدر وأنجى فريق المؤمنين فيكون هذا وعدا خاصا لا يعارضه قوله تعالى ( واتقوا فتننة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) وما ورد في حديث أم سلمة قالت " يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث " .
فموقع قوله ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) كموقع قوله تعالى ( حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فننجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمون ) . ولهذا فالظاهر أن هذا تأمين للمسلمين من الاستئصال كقوله تعالى ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) بقرينة قول عقبه ( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب ) وهم تأمين من تعميم العقاب في الآخرة بطريق الأولى ويجوز أن يكون المراد : ولا تزر وازرة وزر أخرى يوم القيامة أي أن يشأ يذهبكم جميعا ولا يعذب المؤمنين في الآخرة وهذا كقول النبي A " ثم يحشرون على نياتهم " .
والوجه الأول أعم وأحسن . وأيا ما كان فأن قضية ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) كلية عامة فكيف وقد قال الله تعالى ( وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ) في سورة العنكبوت فالجمع بين الآيتين أن هذه الآية نفت أن يحمل أحد وزر آخر لا مشاركة له للحامل على اقتراف الوزر وإما آية سورة العنكبوت فموردها في زعماء المشركين الذين موهوا الضلالة وثبتوا عليها فإن أول تلك الآية ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ) وكانوا يقولون ذلك لكل من يستروحون منه الإقبال على الإيمان بالأخرى .
وأصل الوزر بكسر الواو : هو الوقر بوزنه ومعناه . وهو الحمل بكسر الحاء أي ما يحمل ويقال وزر إذا حمل . فالمعنى : ولا تحمل حاملة حمل أخرى أي لا يحمل الله نفسا حملا جعله لنفس أخرى عدلا منه تعالى لأن الله يحب العدل وقد نفى عن شأنه الظلم وأن كان تصرفه إنما هو في مخلوقاته .
وجرى وصف الوازرة على التأنيث لأن أريد به النفس .
A E