وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمخلص من هذا ونحوه هو القاعدة الأصلية الفارقة بين كون الشيء معلوم لله تعالى وبين كونه مرادا فإن العلم يتعلق بالأشياء الموجودة والمعدومة والإرادة تتعلق بإيجاد الأشياء على وفق العلم بأنها توجد فالناس مخاطبون بالسعي لما تتعلق به الإرادة بالشيء علمنا أن الله علم وقوعه وما تصرفات الناس ومساعيهم إلا أمارات على ما علمه الله لهم فصدقة المتصدق أمارة على أن الله علم تعميره والله تعالى يظهر معلوماته في مظاهر تكريم أو تحقير ليتم النظام الذي أسس الله عليه هذا العالم ويلتئم جميع ما أراده الله من هذا التكوين على وجوه لا يخل بعضها ببعض وكل ذلك الحكمة العالية . ولا مخلص من هذا الإشكال إلا هذا الجواب وجميع ما سواه وإن أقنع ابتدأ الإشكال .
( وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون [ 12 ] ) انتقال من الاستدلال بالأحوال في الأجواء بين السماء والأرض على تفرد الله تعالى بالإلهية إلى الاستدلال بما على الأرض من بحار وأنهار وما في صفاتها من دلالة زائدة على دلالة وجود أعيانها على عظم مخلوقات الله تعالى فصيغ هذا الاستدلال على أسلوب بديع إذ اقتصر فيه على التنبيه على الحكمة الربانية في المخلوقات وهي ناموس تمايزها بخصائص مختلفة واتحاد أنواعها في خصائص متماثلة استدلالا على دقيق صنع الله تعالى كقوله ( تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض بالأكل ) ويتضمن ذلك الاستدلال بخلق البحرين أنفسها لأن ذكر اختلاف مذاقهما يستلزم تذكر تكوينهما .
فالتقدير : وخلق البحرين العذب والأجاج على صورة واحدة وخالف بين أعراضها ففي الكلام إيجاز حذف وإنما قدم من هذا الكلام تفاوت البحرين في المذاق وأقتصر عليه لأنه المقصود من الاستدلال بأفانين الدلائل على دقيق صنع الله تعالى .
وفي الكشاف : ضرب البحرين العذب والمالح مثلا للمؤمن والكافر ثم قال على سبيل الاستطراد في صفة البحرين وما علق بهما من نعمته وعطائه ( ومن كل تأكلون لحما طريا ) .
والبحر في كلام العرب : اسم للماء الكثير القار في سعة فالفرات والدجلة بحران عذبان وبحر خليج العجم ملح . وتقدم ذكر البحرين عند قوله تعالى ( وهو الذي مرج البحرين ) في سورة الفرقان وقد اتحدا في إخراج الحيتان والحلية أي اللؤلؤ والمرجان وهما يوجد أجودهما في بحر العجم حيث مصب النهرين ولماء النهرين العذب واختلاطه بماء البحر المالح أثر في جودة اللؤلؤ كما بيناه فيما تقدم في سورة النحل فقوله ( ومن كل تأكلون لحما طريا ) كلية وقوله ( وتستخرجون حلية ) كل لا كلية لأن من مجموعها تستخرجون حلية . وكلمة كل صالحة للمعنيين فعطف ( وتستخرجون ) من استعمال المشترك في معنييه .
A E فالاختلاف بين البحرين بالعذوبة والملوحة دليل على دقيق صنع الله . والتخالف في بعض مستخرجاتهما والتماثل في بعضها دليل أخر على دقيق الصنع وهذا من أفانين الاستدلال .
والعذب : الحول حلاوة مقبولة في الذوق .
والملح بكسر الميم : الشيء الموصوف بالملوحة بذاته لا بإلقاء ملح فيه فأما الشيء الذي يلقى فيه الملح حتى يكتسب ملوحة فإنما يقال له : مالح ولا يقال : ملح .
ومعنى ( سائغ شرابه ) أن شربه لا يكلف النفس كراهة وهو مشتق من الإساغة وهي استطاعة ابتلاع المشروب دون غصة ولا كره . قال عبد الله بن يعرب : .
فساغ لي الشراب وكنت قبلا ... أكاد أغص بالماء الحميم والأجاج : الشديد الملوحة وتقدم ذكر البحر في قوله تعالى ( ويعلم ما في البر والبحر ) في سورة الأنعام وبقية الآية تقدم نظيره في أول سورة النحل