وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والنطفة تقدمت عند قوله تعالى ( أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ) في سورة الكهف .
وقوله ( ثم جعلكم أزواجا ) يشير إلى حالة في التكوين الثاني وهو شرطه من الازدواج . ف ( ثم ) عاطفة الجملة فهي دالة على الترتيب الرتبي الذي هو أهم في الغرض أعني دلالة التكوين على بديع صنع الخالق سبحانه فذلك موزع على مضمون قوله ( ثم من نطفة ) .
والمعنى : ثم من نطفة وقد جعلكم أزواجا لتركيب تلك النطفة فالاستدلال بدقة صنع النوع الإنساني من أعظم الدلائل على وحدانية الصانع . وفيها غنية عن النظر في تأمل صنع بقية الحيوان .
والأزواج : جمع زوج وهو الذي يصير بانضمام الفرد إليه زوجا أي شافعا وقد شاع إطلاقه على صنف الذكور مع صنف الإناث لاحتياج الفرد الذكر من كل صنف إلى أنثاه من صنفه والعكس .
( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ) بعد الاستدلال بما في بدء التكوين الثاني من التلاقح بين النطفتين استدلال بما ينشأ عن ذلك من الأطوار العارضة للنطفة في الرحم وهو أطوار الحمل من أوله إلى الوضع .
وأدمج في ذلك دليل التنبيه على إحاطة فلم الله بالكائنات الخفية والظاهرة ولكون العلم بالخفيات أعلى قدم ذكر الحمل على ذكر الوضع والمقصود من عطف الوضع أن يدفع توهم وقوف العلم عند الخفيات التي هي من الغيب دون الظواهر بأن يستغل عنها بتدبير خفياتها كما هو شأن كبراء العلماء من الخلق ولظهور استحالة توجه لإرادة الخلق نحو مجهول عند مريده .
والاستثناء مفرغ من عموم الأحوال . والباء للملابسة . والمجرور في موضع الحال .
( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتب إن ذلك على الله يسير [ 11 ] ) لا جرم أن الحديث عن التكوين يستتبع ذكر الموت المكتوب على كل بشر فجاء بذكر علمه الآجال والأعمار للتنبيه على سعة العلم الإلهي .
والتعمير : جعل الإنسان عامر أي باقيا في الحياة فأن العمر هو مدة الحياة يقال : عمر فلان كفرح ونصر وضرب إذا بقي زمانا فمعنى عمره بالتضعيف : جعله باقيا مدة زائدة على المدة المتعارفة في أعمال الأجيال ولذلك قوبل بالنقص من العمر ولذلك لا يوصف بالتعمير صاحبه إلا بالمبني للمجهول فيقال : عمر فلان فهو معمر . وقد غلب في هذه الأجيال أن يكون الموت بين الستين والسبعين فما بينهما فهو عمر متعارف والمعمر الذي يزيد عمره على السبعين والمنقوص عمره الذي يموت دون الستين ولذلك كان أرجح الأقوال في تعمير المفقود عند فقهاء المالكية هو الإبلاغ به سبعين سنة من تاريخ ولادته ووقع القضاء في تونس بأنه ما تجاوز ثمانين سنة غير قليل فلا ينبغي الحكم باعتبار المفقود ميتا إلا بعد ذلك لأنه يترتب عليه الميراث ولا ميراث بشك ولأنه بعد الحكم باعتباره ميتا تزوج امرأته وشرط صحة التزوج أن تكون المرأة خلية من عصمة ولا يصح إعمال الشرط مع الشك فيه . وهو تخريج فيه نظر .
A E وضمير ( من عمره ) عائد إلى ( معمر ) على تأويل ( معمر ) ب ( أحد ) كأنه قيل : وما يعمر من أحد ولا ينقص عمره أي عمر أحد وآخر . وهذا كلام جار على التسامح في مثله في الاستعمال واعتماد على أن السامعين يفهمون المراد كقوله تعالى ( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحدة منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصي بها أو دين ) لظهور أنه لا ينقلب الميت وارثا لمن قد ورثه ولا وارث ميتا موروثا لوارثه .
والكتاب كناية عن علم الله تعالى الذي لا يغيب عنه معلوم كما أن الشيء المكتوب لا يزاد فيه ولا ينقص ويجوز أن يجعل الله موجودات هي كالكتب تسطر فيها الآجال مفصلة وذلك يسير في مخلوقات الله تعالى . ولذلك قال : ( أن ذلك على الله يسير ) أي لا يلحقه من هذا الضبط عسر ولا كد .
وقد ورد هنا الإشكال العام الناشئ عن التعارض بين أدلة جريان كل شيء على ما هو سابق في علم الله في الأزل وبين إضافة الأشياء إلى أسباب وطلب اكتساب المرغوب من تلك الأسباب واجتناب المكروه منها فكيف يثبن في هذه الآية للأعمار زيادة ونقص مع كونها في كتاب وعلم لا يقبل التغيير . وكيف يرغب بالصدقة مثلا أنها تزيد في العمر أن صلة الرحم تطيل في العمر