وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما قدم في أول السورة الاستدلال بأن الله فطر السماوات والأرض وما في السماوات من أهلها وذلك أعظم دليل على تفرجه بالإلهية ثني هنا بالاستدلال بتصريف الأحوال بين السماء والأرض وذلك بإرسال الرياح وتكوين السحاب وإنزال المطر فهذا عطف على قوله ( فاطر السماوات والأرض ) .
وإظهار اسم الجلالة في مقام إضمار دون أن يقول وهو الذي أرسل الرياح فيعود الضمير إلى اسم الله من قوله ( إن الله عليم بما يصنعون ) .
واختير من دلائل الوحدانية دلالة تجمع أسباب المطر ليفضي من ذلك إلى تنظير إحياء الأموات بعد أحوال الفناء بآثار ذلك الصنع العجيب وأن الذي خلق وسائل إحياء الأرض قادر على خلق وسائل لإحياء الذين ضمنتهم الأرض على سبيل الإدماج .
وإذ قد كان القصد من الاستدلال هو وقوع الإحياء وتقرر وقوعه جيء بفعل المضي في قوله ( أرسل ) . وأما تغييره إلى المضارع في قوله ( فتثير سحابا ) فلحكاية الحال العجيبة التي تقع فيها إثارة الرياح السحاب وهي طريقة للبلغاء في الفعل الذي في خصوصيته بحال تستغرب وتهم السامع . وهو نظير قول تأبط شرأ .
بأني قد لقيت الغول تهوى ... بسهب كالصحيفة صحصحان .
فأضربها بلا دهش فخرت ... صريعا لليدين وللجران فابتدأ ب ( لقيت ) للإفادة وقوع ذلك ثم ثني ب ( أضربها ) لاستحضار تلك الصورة العجيبة من إقدامه وثباته حتى كأنهم يبصرونه في تلك الحالة . ولم يؤت بفعل الإرسال في هذه الآية بصيغة المضارع بخلاف قوله في سورة الروم ( الله الذي يرسل الرياح ) الآية لأن القصد هنا استدلال بما هو واقع إظهارا لإمكان نظيره وأما آية سورة الروم فالمقصود منها الاستدلال على تجديد صنع الله ونعمه .
والقول في الرياح والسحاب تقدم غير مرة أولها في سورة البقرة .
وفي قوله ( فسقناه ) بعد قوله ( والله الذي أرسل الرياح ) التفات من الغيبة إلى التكلم .
وقوله ( كذلك النشور ) سبيله سبيل قوله ( يا أيها الناس أن وعد الله حق ) الآيات من إثبات البعث مع تصديق الرسول A فيما أخبر به عنه إلا أن ما قبله كان مأخوذا من فحوى الدلالة لما ظهرت في برهان صدق الرسول A وبارقة الإمكان ما يسوق أذهانهم إلى استقامة التصديق بوقوع البعث .
A E والإشارة في قوله ( كذلك النشور ) إلى المذكور من قوله ( فأحيينا به الأرض ) . والأظهر أن تكون الإشارة إلى مجموع الحالة المصورة أي مثل ذلك الصنع المحكم المتقن نصنع صنعا يكون به النشور بأن يهيئ الله حوادث سماوية أو أرضية أو مجموعة منها حتى إذا استقامت آثارها وتهيأت أجسام لقبول أرواحها أمر الله بالنفخة الأولى والثانية فإذا الأجساد قائمة ماثلة أمر الله بنفخ الأرواح بالأجنة عند استكمال تهيئتها لقبول الأرواح .
وقد روي عن النبي A تقريب ذلك بمثل هذا مما رواه أحمد وأبن أبي شيبه وقريب منه صحيح مسلم عن عروة بن مسعود عن النبي A " قيل لرسول الله : كيف يحيي الله الموتى وما آية ذلك في خلقه ؟ فقال : هل مررت في واد أهلك ممحلا ثم مررت به يهتز خضرا ؟ قيل نعم : فكذلك يحي الله الموتى وتلك آيته في خلقه " . وفي بعض الروايات عن ابن رزين العقيلي أن السائل رزين .
وقرأ الجمهور ( الرياح ) بصيغة الجمع . وقرأ حمزة والكسائي ( الريح ) بالإفراد والمعروف بلام الجنس يستوي فيه المفرد والجمع .
( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) مضى ذكر غرورين إجمالا في قوله تعالى ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ) ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) فأخذ في تفصيل الغرور الثاني من قوله تعالى ( إن الشيطان لكم عدو ) وما استتبعه من التنبيه على أحجار كيده وانبعاث سموم مكره والحذر من مصارع متابعته وإبداء الفرق بين الواقعين في حبائله والمعافين من أدوائه بدارا بتفصيل الأهم والأصل وأبقى تفصيل الغرور الأول إلى هنا