وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالله أرشدهم بإرسال رسوله ليهديهم إلى ما يرضيه والله أضلهم بتكوين نفوسهم نافرة عن الهدى تكوينا متسلسلا من كائنات جمة لا يحيط بها إلا علمه وكلها من مظاهر حكمته ولو شاء لجعل سلاسل الكائنات على غير هذا النظام فلهدى الناس جميعا وكلهم ميسر بتيسيره إلى ما يعلم منهم فعدل عن النظم المألوف إلى هذا النظم العجيب . وصيغ بالاستفهام الإنكاري والنهي التثبيتي ونظير هذه الآية في هذا الأسلوب قوله تعالى ( أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار ) في سورة الزمر فإن أصل نظمها : أفمن حق عليه كلمة العذاب أنت تنقذه من النار أفأنت تنقذ الذين في النار . إلا أن هذه الآية زادت بالاعتراض وكان المفرع الأخير فيها نهيا والأخرى عريت عن الاعتراض وكان المفرع الأخير فيها استفهاما إنكاريا .
والنهي موجه إلى نفس الرسول A أن تذهب حسرات على الضالين ولم يوجه إليه بأن يقال : فلا تذهب عليهم حسرات الرسول A ونفسه متحدان فتوجيه الني إلى نفسه دون أن يقال فلا تذهب عليهم حسرات للإشارة إلى أن الذهاب مستعار إلى التلف والانعدام كما يقال : طارت نفسها شعاعا ومثله في كلامهم كثير كقول الأعرابي من شعراء الحماسة : .
أقول للنفس تأساء وتعزية ... إحدى يدي أصابتني ولم ترد لتحصل فائدة توزيع النهي والخطاب على شيئين في ظاهر الأمر فهو تكرير الخطاب والنهي لكليهما . وهي طريقة التجريد المعدود في المحسنات وفائدة التكرير الموجب تقرير الجملة في النفس . وقد تقدم قريب من هذا عند قوله تعالى ( وما يخادعون إلا أنفسهم ) في سورة البقرة .
والحسرة تقدمت في قوله تعالى ( وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر ) من سورة مريم .
وانتصب ( حسرات ) على المفعول لأجله أي لا تتلف نفسك لأجل الحسرة عليهم وهو كقوله ( لعلك باخع نفسك لا يكونوا مؤمنين ) وقوله ( وابيضت عيناه من الحزن ) أي من حزن نفسه لا من حزن العينين .
وجمعت الحسرات مع أن اسم الجنس صالح للدلالة على تكرر الأفراد قصدا للتنبيه على إرادة أفراد كثيرة من جنس الحسرة لأن تلف النفس يكون عند تعاقب الحسرات الواحدة تلوى الأخرى لدوام المتحسر منه فكل تحسر يترك حزازة وكمدا في النفس حتى يبلغ إلى الحد الذي لا تطيقه النفس فينفطر له القلب فإنه قد علم في الطب أن الموت من شدة الألم كالضرب المبرح وقطع الأعضاء سببه اختلال حكة القلب من توارم الآلام عليه .
A E وقرأ الجمهور ( فلا تذهب نفسك ) بفتح الفوقية والهاء ورفع ( نفسك ) على أنه نهي لنفسه وهو كناية ظاهرة عن نهيه . وقرأه أبو جعفر بضم الفوقية وكسر الهاء ونصب ( نفسك ) على أنه نهي الرسول أن يذهب نفسه .
وقد اشتملت هذه الآية على فاآت أربع كلها للسببية والتفريع وهي التي بلغ بها نظم الآية إلى هذا الإيجاز البالغ حد الإعجاز وفي اجتماعها محسن جمع النظائر .
وجملة ( إن الله عليم بما يسمعون ) تصلح لإفادة التصبر والتحلم أي أن الله عليم بصنعهم في المخالفة عن أمره فكما أنه لحلمه في المخالفة عن أمره فكما أنه لحلمه لم يعجل بمؤاخذتهم فكن أنت مؤتسيا بالله ومتخلقا بما تستطيعه من صفاته وفي ضمن هذا كناية عن عدم إفلاتهم من العذاب على سوء عملهم وليس في هذه الجملة معنى التعليل لجملة ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) لآن كمد نفس الرسول A لم يكن لأجل تأخير عقابهم ولكن لأجل عدم اهتدائهم .
وتأكيد الخبر ب ( إن ) أما تمثيل لحال الرسول A بحال من أغفله التحسر عليهم عن التأمل في إمهال الله إياهم فأكد له الخبر ب ( إن الله عليم بما يصنعون ) وإما لجعل التأكيد لمجرد الاهتمام بالخبر لتكون ( إن ) مغنية غناء فاء التفريغ فتتمخض الجملة لتقرير التسلية والتعريض بالجزاء عن ذلك .
وعب ب ( يصنعون ) دون : يعلمون للإشارة إلى أنهم يدبرون مكائد للنبي A وللمسلمين فيكون هذا الكلام إيذانا بوجود باعث آخر على النزع عن الحسرة عليهم . وعن ابن عباس : أن المراد به أبو جهل وحزبه .
( والله الذي أرسل الريح فتثير سحبا فسقنه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور [ 9 ] )