وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما جرى تحذير الناس من غرور الشيطان وإيقاظهم إلى عداوته للنوع الإنساني وتقسيم الناس إلى فريقين : فريق انطلت عليه مكائد الشيطان واغتروا بغروره ولم يناصبوه العداء وفريق أخذوا حذرهم منه واحترسوا من كيده وتجنبوا السير في مسالكه ثم تقسيمهم إلى كافر معذب ومؤمن صالح منعم عليه أعقب ذلك بالإيماء إلى استحقاق حزب الشيطان عذاب السعير وبتسلية النبي A على من لم يخلصوا من حبائل الشيطان من أمة دعته بأسلوب الملاطفة في التسلية ففرع على جميع ما تقدم قوله ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ) إلى قوله ( بما يصنعون ) فابتداؤه بفاء التفريع ربط له بما تقدم ليعود الذهن إلى ما حكي من أحوالهم فالتفريع على قوله ( إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) ثم بإبراز الكلام المفرع في صورة الاستفهام الإنكاري واجتلاب الموصل الذي تومئ صلته إلى علة الخبر المقصود فأشير إلى أن وقوعه في هذه الحالة ناشئ من تزين الشيطان له سوء عمله فلمزين للأعمال السيئة هو الشيطان قال تعالى ( وزين لهم الشيطان أعمالهم ) فرأوا أعمالهم السيئة حسنة فعكفوا عليها ولم يقبلوا فيه نصيحة ناصح ولا رسالة مرسل .
و ( من ) موصولة صادقة على جمع من الناس كما دل عليه قوله في آخر الكلام ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) بل ودل عليه تفريع هذا على قوله ( إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) و ( من ) في موضع رفع الابتداء والخبر عنه محذوف إيجازا لدلالة ما قبله عليه وهو قوله ( الذين كفروا لهم عذاب شديد ) عقب قوله ( إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) . فتقديره بالنسبة لما استحقه حزب الشيطان من العذاب : أفأنت تهدي من زين له عمله فرآه حينا فأن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء .
وتقديره بالنسبة للنبي A : لا يحزنك مصيره فأن الله مطلع عليه .
وفرع عليه ( فأن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ) . وفرع على هذا قوله ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) إي فلا تفعل ذلك أي لا ينبغي لك ذلك فأنهم أوقعوا أنفسهم في تلك الحالة بتزيين الشيطان لهم ورؤيتهم ذلك حسنا وهو من فعل أنفسهم فلماذا تتحسر عليهم .
A E وهذا الخبر مما دلت عليه المقابلة في قوله ( الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة واجر كبير ) فقد دل ذلك عل أن الكفر سوء وأن الإيمان حسن فيكون ( من زين له سوء عمله ) هو الكافر ويكون ضده هو المؤمن ونظير هذا التركيب قوله تعالى ( أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار ) وفي سورة الزمر وتقدم عند قوله تعالى ( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) في سورة الرعد .
والتزيين : تحسين ما ليس بحسن بعضه أو كله . وقد صرح هنا بضده في قوله ( سوء عمله ) أي صورة لهم أعمالهم السيئة بصورة حسنة ليقدموا عليها بشره وتقدم في أوائل سورة النمل .
وجملة ( فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ) مفرعة وهي تقرير للتسلية وتأييس من اهتداء من لم يخلق الله فيه أسباب الاهتداء إلى الحق من صحيح النظر وإنصاف المجادلة .
وإسناد الإضلال والهداية إلى الله بواسطة أنه خالق أسباب الضلال والاهتداء وذلك من تصرفه تعالى بالخلق وهو سر من الحكمة عظيم لا يدرك غوره وله أصول وضوابط سأبينها في رسالة القضاء والقدر إن شاء الله تعالى .
وجملة ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) مفرعة على المفرع على جملة ( أفمن زين له سوء عمله ) الخ فتؤول إلى التفريع على الجملتين فيؤول إلى أن يكون النظم هكذا : أفتتحسر من زين لهم سوء أعمالهم فرأوها حسنات واختاروا لأنفسهم طريق الضلال فأن الله أضلهم باختيارهم وهو قد تصرف بمشيئته فهو أضلهم وهدى غيرهم بمشيئته وأرادته التي شاء بها إيجاد الموجودات لا بأمره ورضاه الذي دعا به الناس إلى الرشاد فلا تذهب نفسك عليهم حسرات وإنما حسرتهم على أنفهم إذ رضوا لها باتباع الشيطان ونبذوا اتباع إرشاد الله كما دل عل ذلك قوله ( إن الله عليم بما يصنعون ) تسجيلا عليهم أنهم ورطوا أنفسهم فيما أوقعوها فيه بصنعهم