وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالإيقاع بالناس في الضر لا يسلم من أولياؤه ولا أعداؤه ولكن أولياءه يضمر لهم العداوة ويأنس بهم لأنه يقضي بهم وطره وأما أعداؤه فهو مع عداوته لهم يشمئز وينفر ويغتاظ من مقاومتهم وساوسه إلى أن يبلغ حد الفرار من عظماء الأمة فقد قال النبي A لعمر " إيه يا بن الخطاب ما رآك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك " . وورد في الصحيح " إذا أقيمت الصلاة أدبر الشيطان " الحديث . وورد " أنه مارئ الشيطان أخسأ وأحقر منه في يوم عرفة لما يرى من الرحمة " .
وأعقب الأمر باتخاذ الشيطان عدوا بتحذير من قبول دعوته وحث على وجوب اليقظة لتغريره وتجنب توليه بأنه يسعى في ضر أوليائه وحزبه فيدعوهم إلى ما يوقفهم في السعير . وهذا يؤكد الأمر باتخاذه عدوا لأن أشد الناس تضررا به هم حزبه وأولياؤه .
وجملة ( إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) تعليل لجملة ( فاتخذوه عدوا ) . وجيء بها في صيغة حصر لانحصار دعوته في الغاية المذكورة عقبها بلام العلة كيلا يتوهم أن دعوته تخلو من تلك الغاية ولو في وقت ما . وبهذا العموم الذي يقتضيه الحصر صارت الجملة أيضا في معنى التذييل لما قبله كله .
ومقتضى وقوع فعل ( يدعو ) في حيز القصر أن مفعوله وهو قوله ( حزبه ) هو المقصود من القصر أي أنه يدعو حزبه ولا يدعو غير حزبه والشيطان يدعو الناس كلهم سواء في ذلك حزبه ومن لم يكن إلى دعوته إلا أن أثر دعوته لا يظهر إلا في الذين يركنون له فيصيرون حزبه قال تعالى ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) . وحكى الله عن الشيطان بقوله ( لأغوينهم أجمعين إلا عبادك المخلصين ) فتعين أن في الكلام إيجاز حذف . والتقدير : إنما يدعوا حزبه دعوة بالغة مقصده . والقرينة هي ما تقدم من التحذير ولو كان لا يدعو إلا حزبه لما كان لتحذير غيرهم فائدة .
A E واللام في قوله ( ليكونوا من أصحاب السعير ) يجوز أن يكون لام العلة فإن الشيطان قد يكون ساعيا لغاية إيقاع الآدمين في العذاب نكاية بهم وهي علة للدعوة فخفية في خاطره الشيطاني وإن كان لا يجهر بها لأن إخفائها من جملة كيده وتزيينه ويجوز أن تكون اللام لام العاقبة والصيرورة مثل ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) . فقال ابن عطية : لأن لم يدعهم إلى السعير إنما أتفق أن صار أمرهم من دعائه إلى ذلك .
والسعير النار الشديدة وغلب في لسان الشرع على جهنم .
( الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير [ 7 ] ) استئناف ابتدائي يفيد مفاد الفذلكة والاستنتاج مما تقدم . وهذا الاستئناف يومي إلى أن الذين كفروا هم حزب الشيطان لأن لما ذكر أن حزبه من أصحاب السعير وحكم هنا بأن الذين كفروا لهم عذاب شديد علم أن الذين كفروا من أصحاب السعير إذ هو العذاب الشديد فعلم أنهم حزب الشيطان بطريقة قياس مطوي فالذين كفروا هم حزب الشيطان لعكوفهم على متابعته وإن لم يعلنوا ذلك لاقتناعه منهم بملازمة ما يمليه عليهم .
وأما المؤمنون العصاة فليسوا من حزبه لأنهم يعلمون كيده ولكنهم يتبعون بعض وسوسته بدافع الشهوات وهم مع ذلك يلعنونه ويتبرأون منه . وقد قال النبي A في حجة الوداع " إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه ولكنه قد رضي منكم بما دون ذلك مما تحقرون من أعمالكم ) .
وذكر ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) تتميم بأن الذين لم يكونوا من حزبه قد فازوا بالخيرات .
وقد أشارت الآية إلى طرفين في الضلال والاهتداء وطويت ما بين ذينك من المراتب ليعلم أن ما بين ذلك ينالهم نصيبهم من أشبه أحوالهم بأحوال أحد الفريقين على عادة القرآن في وضع المسلم بين الخوف والرجاء . والأمل والرهبة .
( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون [ 8 ] )