وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والباء في قوله ( بالله ) للملابسة وهي داخلة على مضاف مقدر أي بشأن الله أي يتطرق إلى نقض هدى الله فإن فعل غر يتعدى إلى مفعول واحد فإذا أريد تعديته إلى بعض متعلقاته عدي إليه بواسطة حرف الجر فقد يعدى بالباء وهي باء الملابسة كقوله تعالى ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) وقوله بسورة الحديد ( وغركم بالله الغرور ) وذلك إذا أريد بيان من الغرور ملابس له على تقدير مضاف أي حال من أحواله . وتلك ملابسة الفعل للمفعول في الكلام على الإيجاز . وليست هذه الباء باء السببية .
وقد تضمنت الآية غرورين : غرورا يغتره المرء من تلقاء نفسه ويزين نفسه من المظاهر الفاتنة التي تلوح له في الدنيا ما يتوهمه خيرا ولا ينظر في عواقبه بحيث تخفي مضاره في بادئ الرأي ولا يظن أنه من الشيطان .
وغرورا يتلقاه ممن يغره وهو الشيطان وكذلك الغرور كله في هذا العالم بعضه يمليه المرء على نفسه وبعضه يتلقاه من شياطين الإنس والجن فترك تفصيل الغرور الأول الآن اعتناء بالأصل ولأهم فإن كل غرور يرجع إلى غرور الشيطان . وسيأتي تفصيله عند قوله تعالى ( من كان يريد العزة فالله العزة جميعا ) .
( إن الشيطن لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أ صحب السعير [ 6 ] ) لما كان في قوله ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) إبهام ما في المراد بالغرور عقب ذلك بيانه بأن الغرور هو الشيطان ليتقرر المسند إليه بالبيات بعد الإبهام . فجملة ( أن الشيطان لكم عدو ) تتنزل من جملة ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) منزلة البيان من المبين فلذلك فصلت ولم تعطف وهذا من دلالة ترتيب الكلام على لإرادة المتكلم إذ يعلم السامع من وقوع وصف الشيطان عقب وصف الغرور أن الغرور هو الشيطان .
وأظهر اسم الشيطان في مقام الإضمار للإفصاح عن المراد بالغرور أنه الشيطان وإثارة العداوة بين الناس الشيطان معنى من معاني القرآن تصريحا وتضمينا وهو هنا مريح كما في قوله تعالى ( وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ) .
A E وتلك عداوة مودعة في جبلته كعداوة الكلب للهر لأن جبلة الشيطان موكولة في بإيقاع الناس في الفساد وأسوأ العواقب في قوالب محسنة مزينة وشواهد ذلك تظهر للإنسان في نفسه وفي الحوادث حيثما عثر عليها وقد قال تعالى ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ) .
وتأكيد الخبر بحرف التأكسد لقصد تحقيقه لأنهم بفعلتهم عن عداوة الشيطان محال من ينكر أن الشيطان عدو .
وتقديم ( لكم ) على متعلقة للاهتمام بهذا المتعلق فرع عنه أن أمروا باتخاذه عدوا لأنهم إذا علموا أنه عدو لهم حق عليهم اتخاذه عدوا وإلا لكانوا في حماقة . وفيه تنبيه على وجوب عداوتهم الدعاة في الضلالة المستمدين من الشيطان .
والكلام على لفظ عدو تقدم عند قوله تعالى ( فإن كان من قوم عدو لكم ) في سورة النساء .
واللام في ( لكم ) لام الاختصاص وهي التي تتضمنها الإضافة فلما قدم ما حقه أن يكون مضافا إليه صرح باللام ليحصل معنى الإضافة .
وإنما أمر الله باتخاذ العدو عدوا ولم يندب إلى العفو عنه والإغضاء عن عداوته كما أم في قوله ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) ونحو ذلك مما تكرر في القرآن وكلام الرسول A لأن ما ندب إليه من العفو إنما هو فيما بين المسلمين بعضهم مع بعض رجاء صلاح حال العدو لأن عداوة المسلم عارضة لأغراض يمكن زوالها ولها حدود لا يخشى معها المضار الفادحة كما قال تعالى ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) ولذلك لم يأمر الله تعالى بمثل ذلك مع أعداء الدين فقال ( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) الآية بل لم يأمر الله تعالى بالعفو عن المحاربين من أهل الملة لأن مناواتهم غير عارضة بل هي لغرض ابتزاز الأموال ونحو ذلك فقال ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ) فعداوة الشيطان لما كانت جبلية لا يرجى زوالها مع من يعفو عنه لم يأمر الله إلا باتخاذه عدوا لأن إذا لم يتخذ عدوا لم يراقب المسلم مكائده ومخادعته . ومن لوازم اتخاذه عدوا العمل بخلاف ما يدعوا إليه لتجنب مكائده ولمته بالعمل الصالح