وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمذكور جوابا للشرط إنما هو سبب لجواب محذوف إذ التقدير : وإن يكذبوك فلا يحزنك تكذيبهم إذ قد كذبت رسل من قبلك فاستغني بالسبب عن المسبب لدلالته عليه .
وإنما لم يعرف ( رسل ) وجيء به منكرا لما في التنكير من الدلالة على تعظيم أولئك الرسل زيادة على جانب صفة الرسالة من جانب كثرتهم وتنوع آيات صدقهم ومع ذلك كذبهم أقوامهم .
وعطف على هذه التسلية والتعريض ما هو كالتأكيد لهما والتذكير بعاقبة مضمونها بأن أمر المكذبين قد آل إلى لقائهم جزاء تكذيبهم من لدن الذي ترجع إليه الأمور كلها فكان أمر أولئك المكذبين وأمر أولئك الرسل في جملة عموم الأمور التي أرجعت إلى الله تعالى إذ لا تخرج أمورهم من نطاق عموم الأمور .
وقد اكتسبت هذه الجملة معنى التذييل بما فيها من العموم .
والأمور : جمع أمر وهو الشأن والحال أي إلى الله ترجع الأحوال كلها يتصرف فيها كيف شاء فتكون الآية تهديدا للمكذبين وإنذارا .
( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور [ 5 ] ) أعيد خطاب الناس أعذارا لهم وإنذارا بتحقيق أن وعد الله الذي وعده من عقابه المكذبين في يوم البعث وهو وعد واقع لا يتخلف وذلك بعد أن قدم لهم التذكير بدلائل الوحدانية المشتملة عليها مع الدلالة على نعم الله عليهم ليعلموا أنه لا يستحق العبادة غيره وأنه لا يتصف بالإلهية الحق غيره .
وبعد أن أشار إليهم بأن ما أنتجته تلك الدلائل هو ما أنبأهم به الرسول A فيعلمون صدقه فيما أنبأهم من توحيد الله وهو أكبر ما قرع آذانهم وأحرج شيء لنفوسهم فإذا تأيد بالدليل البرهاني تمهد السبيل لتصديق الرسول A فيما أخبرهم به من وعد الله وهو يوم البعث لأنه لما تبين صدقه في الأولى يعلم صدقه في الثانية بحكم قياس والمساواة .
A E والخطاب للمشركين أو لهم وللمؤمنين لأن ما تلاه صالح لموعظة الفريقين كل على حسب حاله .
وتأكيد الخبر ب ( إن ) إما لأن الخطاب للمنكرين وإما لتغليب فريق المنكرين على المؤمنين لأنهم أحوج إلى تقوية الموعظة .
والوعد مصدر وهو الإخبار عن فعل المخبر شيئا في المستقبل والأكثر أن يكون فيما عدا الشر ويخص الشر منه باسم الوعيد يعمهما وهو هنا مستعمل في القدر المشترك . وقد تقدم عند قوله تعالى ( الشيطان يعدكم الفقر ) الآية في سورة البقرة .
وإضافة إلى الاسم الأعظم توطئة لكونه حقا لأن الله لا يأتي منه الباطل .
والحق هنا مقابل الكذب . والمعنى : أن وعد الله صادق . ووصفه بالمصدر مبالغة في حقيته .
والمراد به : الوعد بحلول يوم جزاء بعد انقضاء هذه الحياة كما دل عليه تفريع ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ) الآية .
والغرور بضم الغين ويقال التغرير : إيهام النفع والصلاح فيما هو ضر وفساد . وتقدم عند قوله تعالى ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا ) في سورة آل عمران وعند قوله ( زخرف القول غرورا ) في سورة الأنعام .
والمراد بالحياة : ما تشتمل عليه أحوال الحياة الدنيا من لهو وترف وانتهائها بالموت والعدم مما يسول الناس أن ليس بعد هذه الحياة أخرى .
وإسناد التغرير إلى الحياة ولو مع تقدير المضاف إسناد مجازي لأن الغار للمرء هو نفسه المنخدعة بأحوال الحياة الدنيا فهو من إسناد الفعل إلى سببه والباعث عليه .
وانهي في الظاهر موجه للناس ولمنهي عنه من أحوال الحياة الدنيا وليست الحياة الدنيا من فعل الناس فتعين أن المقصود النهي عن لازم ذلك الإسناد وهو الاغترار لمظاهر الحياة . ونظيره كثير في كلام العرب كقولهم : لا أعرفنك تفعل كذا ولا أريينك ههنا ( ولا يجرمنك شنئان قوم ) وتقدم نظيره في قوله تعالى ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ) آخر آل عمران .
وكذلك القول في قوله تعالى ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) .
والغرور بفتح الغين : هو الشديد التغرير . والمراد به الشيطان قال تعالى ( فدلاهما بغرور ) . وهو بغير الناس بتزيين القبائح لهم تمويها بما يلوح عليها من محاسن تلائم نفوس الناس